بحسب أجندة منظمة اليونيسكو، يصادف اليوم الخميس “اليوم العالمي للفن”، وعلى الرغم من إغلاق المدن وانعدام الحركة توقياً من الإصابة بفيروس “كورونا” المستجد، فإن الموسيقى لا تزال تتخطى كل الحدود.
في ميلانو بإيطاليا، حيث أكثر البلدان الأوروبية تضرراً من “كورونا”، تحدث عازف الكمان ألدو سيشيني عن تجربته مع تفشي الوباء في بلاده، واضطراره إلى التزام العزل المنزلي منذ شباط/فبراير الماضي، قبل حفلات وأنشطة للأوركسترا الوطنية كان سيشارك فيها.
لكن في 13 مارس/آذار بدأ ألدو بإحياء حفلات موسيقية مباشرة عبر “فيسبوك”، في وقت دعا أحد زملائه في الأوركسترا كل موسيقي إيطالي، لأن يفتح النافذة أو يذهب إلى الشرفة لتقديم عرض موسيقي من مكانه.
ومنذ ذلك الحين، وفي كل يوم في الساعة 6 مساءً، يمكن سماع صوت آلة الكمان من الشرفة في وسط مدينة ميلانو.
ألدو لبى الدعوة، ويصف المشهد للمرة الأولى التي عزف فيها على الشرفة قائلاً: “خرجت إلى الشرفة، وكانت أمسية باردة جداً. كان الأمر غريباً جداً لأن معظم الجيران لا يعرفون أنني أعزف على الكمان، فأنا أعمل خارج المنزل”، مضيفاً “بدأت بالعزف، شعرت بخجل كبير في البداية، ولكن بعد دقيقتين من ذلك، كان الجميع واقفاً في الظلمة، كانوا سعداء للغاية، ويبتسمون. عندما انتهيت صفقوا لي بحرارة، وهتفوا وأرادوا أن أعزف لهم المزيد. عزفت لهم قطعتين موسيقيتين ومن ثم ثلاث، ولكنهم أرادوا المزيد والمزيد. أخبرتهم، إذا كنتم تريدون سماع الموسيقى فلنجتمع غداً في نفس الوقت على الشرفات. وتلك كانت البداية”.
وأعرب العازف الإيطالي عن شعوره بالتقارب مع جيرانه قائلاً: “هنا في المبنى الذي أقطن فيه، في كل مرة أعزف فيها وعلى الرغم من المسافة التي بيننا، فقد شعرت بالتقارب مع الجيران. إنه أشبه بشعور بأننا فريق واحد ونمضي قدماً معاً. هذه هي قوة الموسيقى، يمكنها أن توحد الناس من خلال تلك المقاطع الموسيقية التي أعزفها كل يوم. لقد شعرت أنني بصحبة أناس يعيشون بمفردهم، من بينهم كبار في السن. كان هناك امرأة مسنة. وحيدة. لكن في تلك اللحظة في السادسة مساءً، كان لديها شيء تفعله، إذ كان عزفي من على الشرفة بمثابة موعد لنا”.
من على الشرفة اذن، عزف ألدو قطعاً موسيقية شهيرة من بلدان مختلفة، مثل “لوف ثيم”، و”سينما باراديسو”، و “كلير دي لون”، و”بور أونا كابيزا”، و”إماجين” لجون لينون، و”فراشة الفراشة” للصينية كونشرتو.
على الرغم من أن التأثير الصوتي على الشرفة ليس جيدا كما هو الحال في قاعة الحفلات الموسيقية، إلا أن الموسيقى، “في هذه اللحظة من العزلة، تقرب الناس من بعضهم البعض. هي ليست علاجاً للفيروس، لكنها علاج للقلوب”، على حد تعبير ألدو الذي أضاف “أعتقد أنه في أوقات كهذه، الموسيقى وجميع الفنون الأخرى مهمة للغاية، لأن هذا زمن البقاء على قيد الحياة، لكن الحياة ليست مجرد البقاء. إنها مثل جمال الفن وجمال الموسيقى. بطريقة ما، توحدنا كجزء من شيء أكبر منا، وأعتقد أن هذا مهم للغاية”.
وبعد مرافقة ألدو الناس من خلال موسيقاه في ظل هذه الظروف الصعبة مع تفشي “كورونا”، يعزف الآن عدة مرات في الأسبوع بدلاً من العزف اليومي.
طنجة الأدبية-وكالات