الرئيسيةأخبارعباس والشّعلان ورواية “أدركها النّسيان” في ديوان الهريس الثّقافيّ

عباس والشّعلان ورواية “أدركها النّسيان” في ديوان الهريس الثّقافيّ

استضاف ديوان الهريس الثّقافيّ النّاقد العراقيّ عباس داخل حسن، والأديبة د. سناء الشّعلان في ندوة أدبيّة حول رواية “أدركها النّسيان”، وقد قدّمت الأديبة عنان محروس الأديبين الضّيفين؛ إذ طافت بلغة شعريّة رائقة في عوالم سيرتهما وأدبهما وأفكارهما، كما توقّفت عند الرّواية تقديماً وتعريفاً ورصداً لمواقفها وأحداثها وأفكارها، قائلة في معرض حديثها عن الشّعلان وعباس: “إنسانة يحقّ لروحها أن تسوّر الكون شغفاً وحبّاً وفرحاً، وهي الرّوائيّة د. سناء الشّعلان، وناقد بارع يقطف مماليك الحرف، وأديب تترجّل له الدّماثة صاغرة أمام سموّه، وهو الأديب عباس داخل حسن.
وتحدّث عباس عن بقاء الرّؤية واستخدام تقنيّة السّينما في رواية “أدركها النّسيان”، وتوقّف عند ملامح ذلك، وأثره في بناء هيكيليّة الرّواية بشكل سرديّ استثنائيّ يجعلها رواية مهمّة في المشهد الرّوائيّ العربيّ، وقال في معرض ذلك: “…صوّرت الروائية المشاهد والأحداث في مخيلة القارئ، واعتمدت تقنية المشهديّة من خلال الصّورة السّرديّة، وكلٌّ من الرّواية والسّينما يعتمدان على الاسترجاع الزّمنيّ والاستباق. والفرق يكمن في أنّ الرّواية تعتمد الكتابة في حين السينما تعتمد على الصّوت والحركة؛ إنّ الرواية تعنى أيضاً بالأحداث وسردها أيّ نقل الحادثة من صورتها الواقعيّة إلى صورة لغويّة، والرّوائيّ الفذّ هو من يملك شاعريّة اللّغة كشرط لإيصال الصّورة، وألاّ يصبح السّرد كلاماً محكيّاً عاديّاً لا يلقى صدى في مخيلة القارئ…”
وقال أيضاً: “…وجهة نظر متمادية ومنحازة إلاّ أنّها غير مجروحة، ولو كتبت الدكتورة سناء الشعلان (أدركها النّسيان) فقط ستبقى ضمن مشهد السّرد العربيّ؛ ففي أول سنة من صدور الرّواية عام 2019 م تلقّفها طلاب الماجستير والدّكتوراة، وهناك قرابة عشر أطاريح ورسائل جامعيّة عنها سُجّلتْ لحدّ هذه اللّحظة وهذا لم يحدث مع أيّ رواية عربيّة…هناك روائيين لم يكتبوا سوى رواية واحدة، وبقيت رواياتهم يعاد طبعها وحولت لأفلام سينمائيّة، إلاّ أنّ المشهد عربيّاً مختلف
أمثال”.
في حين عبّرت د. سناء الشّعلان عن تقديرها لديوان الهريس ولراعيه الشّاعر نايف الهريس، ولتنظيمه الأنيق بذوق الأديبة منى طه، ولجهود وتنسيق المبدع الجميل المرهف منذر اللالا.
وقالت في معرض شهادتها الإبداعيّة عن رواية “أدركها النّسيان” لم أكن مشغولة بالبوح وجماليات العشق ومصارع العشّاق ومآقيهم، ولم أدعُ أبداً إلى الهروب إلى النّسيان؛ بل كنتُ أفكّر فيما هو أخطر من ذلك؛ فقد كنتُ أفكّر في مشروع سرديّ لتعرية واقع الكذب والتّزوير والتّلفيق في العوالم المعيشة في العصر الحاضر، وليس أدلّ على ذلك من حرصيعلى تعميم التّجربة، وعدم حصرها في أسماء وأماكن وجغرافيا محدّدة، وتركها مفتوحة على التّأويلات لتتسع لأيّ تجربة بشريّة مشابهة لتجربة أبطال هذه الرّواية.
لذلك يمكن القول إنّ هذه الرّواية هي ليست رواية الحبّ والعشق والحرمان فقط، بل هي رواية لأسفار الواقع ومآلات البشر ومصارع الأحرار ونكد المتسلّطين وقبح الظّالمين ومعاناة المسحوقين والمهمّشين وفضح صريح لستر الكاذبين والمدّعين وأرباب السّلطة والنّفوذ والنّفاق ،هذه هي رواية سبّ الفساد والمفسدين، ولعن المخرّبين،وتجريم الخائنين، إنّها مساحة كونيّة تشبه تجربة الأحرار والمنكودين والمحرومين والمسحوقين في كلّ زمان ومكان.
بل يمكن القول إنّ ” بهاء” و” الضّحّاك” يمكن أن يكونا رمزاً للأوطان لا للمواطنين فقط،كما يمكن أن تكون تجربتهما المريرة في الحياة صورة مصغّرة عن تجربة الأوطان والشّعوب في أزمان المكابدة والسّقوط والانحطاط والفاسدين والخونة، وفي ظلّ هذه التّرميزات يمكن أن نفسّر ونؤوّل الرّواية وأحداثها من منظور أعمق من مجرّد حكاية امرأة مسحوقة يصيبها مرض السّرطان، ويفقدها ذاكرتها، وتجد ملجأ لها في حضن حبيبها المخلص الحنون.
وقالتْ في معرض شهادتها الإبداعيّة: “… أجدُ صعوبة في الحديث عن رواية “أدركها النّسيان”؛ لأنّني كتبتُ فيها كلّ ما أردتُ قوله بطريقة بطليها بهاء والضّحّاك اللّذين كانا أجرأ منّي في البوح وسرد قصّة حياتهما، بما فيها من ملحميّة موجوعة تدين القوى الاستبداديّة، وترفض الانسحاق تحت قواها؛ فهما استطاعا أن يعرّيا جسديهما أمام الجميع ليعرضا ما علق بهما من أدران وعذابات، دون أن يخوّفهما سوط الجلاد الذي التهم الكثير منهما.
لا تبحثوا عنّي في هذه الرّواية؛ فأنا لوّحتُ لكم بكثير من الخدع لأسرقكم إليها، ولتتورّطوا بها، وبعد ذلك لن تجدونني هناك، على الرّغم من وجودي فيها، بل عليكم أن تجدوا أنفسكم وعوالمكم لتفكّوا أسرار هذه الرّواية، وتعرفوا كلمتها السّريّة، وتنزلوها على الواقع، وتسقطوها على قبائحه، وبخلاف ذلك لن تكونوا أكثر من سيّاح من النّوع الغرّ قليل الخبرة الذين يسيحون في أرض العجائب مغمضي العيون، صمّ الآذان…”
وقد ابتدر الشّاعر نايف الهريس النّقاش بين عباس داخل حسن وسناء الشّعلان حول أهميّة محبّة المبدع لقلمه وفنّه في إذكاء نار الإبداع المقدّسة في قلمه، في حين تحدّث الحضور عن جوانب كثيرة من رواية “أدركها النّسيان” من ناحية المضمون والتّشكيل وآليات البناء والفكر والرّؤية.

 

طنجة الأدبية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *