أشهرت دائرة المكتبات العامّة المجموعة المسرحيّة “سيلفي مع البحر” للأديبة د. سناء الشّعلان في احتفاليّة كبيرة حاشدة في القاعة الرّئيسيّة في مبناها التّاريخيّ في وسط البلد بالقرب من المدرّج الرّومانيّ في فعاليّة أولى من مشروع “”كتاب ومبدع وقارئ” الذي أعلن ثامر الشّوبكيّ مدير دائرة المكتبات العامّة/ أمانة عمّان الكبرى عن إطلاقه؛ ليكون بذرة ثقافيّة وفكريّة وإبداعيّة واجتماعيّة تتبنّاها الدّائرة لأجل دعم المبدع والكتاب والجمهور الأردنيّ.
وقال في معرض إطلاقه للمشروع وإشهاره لكتاب الشّعلان: “وقع اختيارنا على كتاب “سيلفي مع البحر” ليكون باكورة مشروعنا واحتفاءاتنا إيماناً منّا بأهميّة هذا الكتاب، وأهميّة الكتابة المسرحيّة في بناء المعمار الحضاريّ، وتقديراً لمكانة الأديبة الأردنيّة المتميزة د. سناء الشّعلان التي تقدّم أنموذجاً للمبدعة والأكاديميّة الجادّة التي تتحفنا بكلّ استثنائي ومشرّف، وتحمل اسم وطنها الأردن في كلّ محفل تذهب إليه. فشكراً لها ولأمثالها من المبدعين المخلصين لإبداعهم وشعوبهم”. وقام بتقديم درع المشروع ودائرة المكتبات العامّة للشّعلان تقديراً لجهودها وإبداعها”.
وقالت ريم الجعبري منسّقة المشروع: “نجمتنا هي نجمة وشمس في آن؛ فهي شمس الأدب العربيّ وأيقونته وسيدة القصّة العربيّة د. سناء الشّعلان، إنّها المرأة المبدعة التي تحمل في يمناها إرثاً عملاقاً من الإصدارات الإبداعيّة، وتحمل في يسراها كتاب “سيلفي مع البحر”؛ الكتاب التاسع والخمسين في سلسلة أعمالها الإبداعيّة والنّقديّة”.
وتمّ عرض فيلم تسجيليّ عن حياة الشّعلان وأدبها، ومسيرتها الحياتيّة والإبداعيّة والأكاديميّة، من إخراج الفنان مايكل العمش، وتعليق خولة قاسميّ، وأشرف صافي.
وقد شارك في النّدوة النّقديّة التي عُقدت على هامش الإشهار الأديب د. سمير أيوب، والأديب العراقيّ ضيف شرف الحفل عبّاس داخل حسن.
وقال د. سمير أيوب: “د. سناء من ابرز المبدعين الذين استطاعوا بجلد ودأب متصل، تحقيق انجازات في كلّ أشكال الأدب. لم تكن رحابها وثيرة ، فدرب الملتزمين كما تعلمون، نحت في صخر الإبداع ، دونه وخز القتاد. الحديث عنها إعلاميّاً لا يكفي، فلا بد من العدو بموازاة كلّ مضاميرها، ومساءلة كلّ جديد في مشروعها الثقافي الخاص. الذي يكتسب أهميته من تميزه وتعدّد أبعاده. د سناء مبدعة متفردّة الإتقان، تواظب على التميز حتى في تمردها. كما تسهم في رسم المشاهد الثقافية المضنية، تسهم في توليد سؤال مستفز لظنوني، عما يقود مثل هذه الشابة الجميلة الرقيقة، للمشي على الجمر؟ لأتحرر من سطوة السؤال وحيرته، أدرت معها الكثير من الحوارات، حرصت خلالها على أن أكون باحثاً متقصياً، فتّشت، بحبشت، ونبشت في إبداعاتها – قدر ما أستطيع – عن كلّ عتبة قد ترتقي بعقلي نحو مشروعها التنويري، الساعي إلى تجديد العقلية العربية، للتساوق مع التحديث المادي العاصف، بالوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه. فوجدتُ أديبةً مؤمنةً بالثقافة، قاطرة رئيسة لكل تغيير ايجابي، يرتقي بالإنسان المعاصر، نحو التّحرّر والانعتاق، من المشاعر والاحتياجات الفطرية الخام، وصولاً إلى مرابع الاستقرار النفسي ~والجسديّ. بعيداً عن الفهم البعيد عن أيّ نجومية، تطلّ د سناء الشعلان ، على سيرورات المجتمع عارياً من كل مساحيقه. تتوغل ببساطة وجرأة واحترافية في أرواحه الزاخرة بالمعاناة والأمل”.
في حين قدّم الأديب والنّاقد العراقيّ عباس داخل ورقة نقديّة عن التّجربة المسرحيّة لسناء الشّعلان في “سيلفي مع البحر”، وقال في معرضها: “نشهد اقترانات أدبيّة مشرّفة بين أديبة ذات قامة سامقة مثل د. سناء الشّعلان التي تبؤأت مكانها المرموق محليّاً وعربيّاً وعالميّاً، وبين مؤسّسة عريقة مثل دائرة المكتبات العامّة التي ارتأت لنفسها منذ عقود أن تكون سادنة الكتاب والكلمة في الأردن، وبين عمل مسرحيّ عملاق نوعاً وكيفاً، وهو من يضمّ ست مسرحيّات إبداعيّة اشتغلت بحرفيّة واضحة على الفكرة والشّكل، ونالت الكثير من الجوائز، كما كانت وما تزال هدفاً لكثير من الدّراسات والرّسائل والأطاريح والأبحاث العلميّة.
كما أنّ الكتابة النّسويّة العربيّة في حقل الكتابة المسرحيّة هي محدودة عدداً وكيفاً، ولذلك تأتي أهميّة “سيلفي مع البحر” لترفد المسرح العربيّ والمكتبة العربيّة بنصوص سرديّة مهمّة خطّها يراع الشّعلان بحرفيّة عاليّة مشرّفة”.
أمّا د. سناء الشّعلان فقد قدّمت في الجزء الأوّل من حديثها في حفل الإشهار شهادة إبداعيّة عن تجربتها المسرحيّة قالت في معرضها: “قد تعتقدون جزافاً أنّنا الآن نجتمع ها هنا لنطلق العنان للأقدام لتركض في دربي نحو المسرح، ولكن الحقيقة عكس ذلك تماماً؛ فنحن الآن في آخر الدّرب؛ فرحلتي بدأت مع المسرح وعشقه؛ منذ كنتُ طالبة غِرّة في بداية المرحلة الابتدائيّة؛ عندها لم أكن أعرف أنّ الأدوار التي أوزّعها جبراً على زميلاتي في الصّف ليقمن بتمثيلها أمام جمهور الصّف خلف طاولة خشبية نخرة هي تمّثلات بدائيّة لفكرة المسرح، وما كنتُ عندها أعرف من المسرح سوى بعض المسرحيّات الهزليّة المتهاوية التي كنتُ أحضرها مع عائلتي أو في الرّحلات المدرسيّة هي بذرة ما لشيء اسمه مسرح، كنتُ اكتفي عندها بأن أذهل بأيّ حجم لمسرح أكبر حجماً من مساحة غرفة الصّف خشبة مسرحي الأولى.
وبالتّأكيد لم أكن أعرف حينها شيئاً عن تاريخ المسرح، وما دريتُ أنّ المسرح هو أبو الفنون ومولاها الأعظم، وعندما بدأتُ أكرّر بتعالٍ جملة “إنّ الحياة مسرح كبير” فاتني عندها أن أدرك أنّنا البشر جميعاً لسنا أكثر من ممثلين كومبارس في هذه المسرحيّة الهزليّة الكبرى التي اسمها حياة”.
في حين قدّمت الشّعلان في الجزء الثّاني من شهادتها الإبداعيّة تجربة دراميّة مشتركة مع الممثّلة المسرحيّة فيحاء الأخرس/ طالبة طبّ من الجامعة الأردنيّة، والممثّل المسرحيّ مثنّى الزبيديّ/ طالب مسرح من الجامعة الأردنيّة؛ حيث قدّما فيها عرضاً مسرحيّاً ارتجاليّاً يظهر عمليّاً فنيّات المسرح البريختيّ الذي تكتب الشّعلان فيه، ضمن جدليّة النّص والكاتب والجمهور والتّلقي.
وعبّرت الشّعلان في نهاية الحفل عن سعادتها بحفلة الإشهار، وعن افتخارها العميق بتبنّي دائرة المكتبات لكتابها المسرحيّ “سيلفي مع البحر”، كما عبّرت عن سعادتها الغامرة؛ لأنّها أخيراً حقّقت حلمها المؤجّل بالتّمثيل على خشبة المسرح شاكرة المسرحيين مثنى الزبيدي وفيحاء الأخرس اللّذين شاركها هذه التّجربة باقتدار واضح وحرفيّة عالية.
طنجة الأدبية