بعد قرار المجلس الإداري للمركز السينمائي المغربي القاضي بفرض 150 درهما مقابل الحصول على التأشيرة الثقافية لعرض أي فيلم (طويل أو قصير) بالمهرجانات السينمائية الوطنية، خرجت الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب (جواسم) من صمتها وعممت البيان التالي:
“توصلت الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب بتاريخ 17 يناير 2020 بمراسلة، هي عبارة عن دورية، تنقل قرار المجلس الإداري للمركز السينمائي المغربي، الذي انعقد في شهر نونبر 2019، دون الإشارة للأطراف التي حضرته، علما بأن منظمتنا، وهي أقدم إطار وطني يهتم بالثقافة السينمائية بالمغرب، قد تم إقصاؤها منه منذ زمن بعيد. وقد جاءت هذه الدورية كإخبار بالتنفيذ فقط في شكل أمر يوجب أداء مبلغ 150 درهما دون احتساب الرسوم عن كل فيلم للحصول على رخصة عرضه الثقافي في إطار التظاهرات الثقافية عموما والسينمائية على وجه الخصوص.
وما يثير الـتساؤلات هو أن مسألة التأشيرة هته لم تكن يوما ما موضع نقاش، بل حتى في اليوم الوطني للسينما المنعقد بتاريخ 24 أكتوبر2019 بالمركز السينمائي المغربي والذي جعل موضوعه الرئيسي المهرجانات والقاعات السينمائية لم تثر فيه هذه النقطة الخاصة بالتأشيرة الثقافية في الورشتين معا، بل على العكس من ذلك تم التغاضي عن توصيات مهمة وملحة في مجال تنظيم المهرجانات وسبل الرقي بها وضمان احترافيتها، حيث كان من الأولى أن تطرح هذه التوصيات في المجلس الإداري الأخير بدل التأشيرة، لكن مع كامل الأسف لم يكلف الموقعون على هذا القرار المشؤوم أنفسهم فتح نقاش جاد ومسؤول حول إقرار مبلغ التأشيرة الثقافية عن الأفلام المشاركة في المهرجانات والتظاهرات السينمائية المختلفة المنظمة ببلادنا والتي تقدم عروضها بالمجان، ولم يتدارسوا تداعيات هذا القرار المتهور على مصير المهرجانات الصغيرة التي تخلق حركة ثقافية وسينمائية مهمة في سائر أرجاء الوطن، والتي يتصارع منظموها لمواجهة إكراهات التمويل المختلفة وتأخرات أشطر الدعم غير المبررة بغية الحفاظ عليها. فعوض تثمين مجهودات هذه المهرجانات الصغيرة بمدن تنعدم فيها قاعات سينمائية وتفتقر لبنيات مستقبلة للفعل الثقافي والسينمائي، وبدل تشجيع الأندية السينمائية التي تبرمج عروضا سينمائية مختلفة بالمجان مساهمة منها في نشر الثقافة السينمائية و تربية الذوق الفني والجمالي لدى الشباب بالمراكز الثقافية والمؤسسات التعليمية ودور الشباب وغيرها، يتم اتخاد قرار محبط للعزائم.
إن الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب تعتبر هذا القرار غير قانوني، لأنه غير مسنود بمراجع.
فليس منطقيا أن تخضع الأنشطة الثقافية والإشعاعية المجانية للضرائب والرسوم، ولهذا نعتبره قرارا تعسفيا بل هو بمثابة مسمار آخر يدق في نعش الثقافة السينمائية، ووسيلة بئيسة لقتل التظاهرات والمهرجانات الصغرى التي تنظم غالبيتها من طرف جمعيات وأندية سينمائية. فجل هذه الجمعيات والأندية تشتغل حاليا بدون منح سنوية، عكس ما كان عليه الأمر في الماضي، إذ كان المركز السينمائي المغربي سابقا ووزارة الشباب والرياضة يدعمان الأندية السينمائية لنشر الثقافة السينمائية في أوساط الشباب عبر تنظيم أنشطة متنوعة.
ومعلوم أن هذا القرار الجديد سينضاف إلى إجراءات تعسفية أخرى سابقة، ذاقت من مرارتها حركة الأندية السينمائية في عهد المدير الحالي للمركز السينمائي المغربي، إذ حرم “جواسم”، وبدون سند قانوني، من مقرها المركزي الذي كان موجودا بقلب الخزانة السينمائية بالرباط، منذ عهد المدير سهيل بنبركة.
زد على ذلك أنه من السذاجة تصديق أن مداخيل فرض 150 درهما للحصول على التأشيرة الثقافية عن الفيلم ستساهم في إنعاش ميزانية المركز السينمائي المغربي، التي يهدر جزء كبير منها في مشاريع فاشلة أدت إلى الوضعية الكارثية التي يعيشها قطاع السينما بالمغرب، في غياب الحكامة الرشيدة.
لقد آن الأوان لكي يتراجع المسؤولون عن القرار بالمركز السينمائي المغربي عن العديد من مسلكياتهم اللاديموقراطية، التي يعود بعضها إلى عصور بائدة في تدبير الشأن السينمائي الوطني، وأن يكفوا عن مسلكيات اتخاذ قرارات مصيرية تهم الثقافة والمال العام، في غياب الفاعلين الحقيقيين والمنظمات المهنية غير الشكلية.
إن هذا البيان، الذي نوجهه للرأي العام الوطني، حركتنا في صياغته، بالدرجة الأولى، غيرتنا على السينما والثقافة الوطنية والتظاهرات الفنية والثقافية التي تستند على عرض الفيلم. ونطالب من خلاله الجهات الوصية على قطاع السينما وثقافتها حث إدارة المركز السينمائي المغربي على التراجع الفوري عن العمل بهذه الدورية وسلك أسلوب الحوار البناء مع المهنيين والفاعلين في حقول الإبداع والثقافة السينمائيين.