ذات صباح من صباحاتي الخالية من كل شيء إلا من كتاب أفتح به شهيتي للحياة ليوم آخر، رن هاتفي فإذا بالمتصلة صديقتي
التي مر على فراقنا حوالي السنيتين ونصف، لا هواتف، لا لقاءات. استغربت من تذكرها لي لكنني صراحة اشتقت لهذه الفتاة الحالمة، عيونها البراقة وجمالها الهادئ، لطالما تذكرتها في السنتين الماضيتين لعلها أصبحت فاحشة الثراء كما كانت تقول. رفعت السماعة فإذا بصوتها يأتيني حزينا لا نغمة فرح فيه، طلبت مني لقاءها بعد نصف ساعة لكي نتناول الفطور معا في مطعم مقابل لمنزلي فوافقت لعلي أغير أنا ايضا عادتي الصباحية بترك سريري وكتابي والإفطار خارج المنزل كإنسانة تهتم بالحياة.
بعد نصف ساعة كنت بانتظارها فإذا بي أراها كما توقعت بسيارة فاخرة ولباس جذاب يدل على غنى مرتديه.
صحت قائلة : يا لمكرك يا فتاة حققت حلمك وأصبحت فاحشة الثراء ، فأتتني ابتسامتها الباهتة على غير عادتها مجيبة : بل قولي يا لفقر روحك يا فتاة.
تأثرت لقولها فمن الواضح أن مساحيق تجميلها الغالية فشلت في تغطية هالاتها السوداء ورسم ابتسامة نابعة من القلب على شفتيها، سألتها عن أحوالها فقالت لي:
– تزوجت يا صديقتي، تزوجت رجلا أغنى جيبي وأفقر روحي . أجبتها وأنا مصدومة، وطارق كيف انفصتلتما كيف تركك وهو الذي كان يحبك حد الجنون.
أجابتني بحسرة؛ بل أنا من تركته يا صديقتي أنا من أغرتني القصور والمطاعم الفاخرة وعطور وامتعة الماركات والطائرات الخاصة ، أنا من استبدلت قلب طارق الطاهر بالبطاقات المصرفية أنا يا عزيزتي من تركت لحظات الحب مع شاب أصيل وذهبت لنقوذ كهل اغنى جيبي بالمال وأفقر روحي باغتصاب كل ما هو جميل في، ثم أكملت قائلة ، يا صديقتي أنا الآن نادمة على طارق لكم اشتقت إلى بسمته، إلى نظراته المملوءة حبا لي لكم اشتقت لحضنه الحاني. لم أجد ما أجيبها به غير أنني قلت لها كبرت يا صديقتي بعد فوات الأوان. أجابتني والدموع تملأ عينيها:
– نعم كبرت يا صديقتي كبرت وأدركت أن المال لا يشتري شيئا حين يغيب الحب ، كبرت وأدركت خطأ مقولة أن المال لا يشتري السعادة لكن أن تبكي على برج إيفل خير من البكاء على سطح الجيران، بت اريد أن أبكي في حضن رجل يقدر دموعي ويحنو علي ولو نمنا على الحصير على أن ابكي في قصر كل من فيه لا يأبه للهالات السوداء تحت عيني، كبرت يا صديقتي لكن بعد فوات الأوان، وإلا ليت الزمان يعود يوما لما بعت حب طارق ولو بكنوز الدنيا ، لما رميت عذريتي لكهل خليجي لا يراني إلا دمية لتفريغ شهواته ولما بعت روحي وقلبي . قالت كلماتها هاته ودموعها تنساب على خديها .
بشرى زروق
كل الشكر والتقدير لمجلة الادبية على الفرصة الرائعة التي منحتني وكل الشكر للاستاذ عبد الكريم واكريم على الالتفاتة الطيبة وتشجيعي
احسنت صديقتي رسالة واضحة