عن سلسلة “الإبداع العربي” التي تصدرها الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويرأس تحريرها الشاعر سمير درويش، صدرت المجموعة الشعرية “كتدبير احتياطي” للشاعر التونسي عبد الوهاب الملوح. تقع المجموعة في مائة صفحة، وتضم 40 قصيدة تتسم بالبحث والتجريب في الشعرية، وتمثل إضافة مهمة إلى تجربة الشاعر.
وعلى الرغم من أن بعض قصائد المجموعة كتبت وفق نظام التفعيلة، فإنها جاءت وفق خطة اعتمدها الشاعر في مجمل أعماله الشعرية، تتغيَّا البحث عن جمالية الشعر من خلال التنويع على الإيقاع، باعتبار أنه مرقى فني يسعى إليه كل فنان.
لم تتخذ قصائد المجموعة موصوعًا موحَّدًا لها، لكنها توجه القارئ نحو الأسئلة الكونية، من قبيل الحرية والتحرر والحب والأمل والإنسان في جوهره، وهي لا تقدِّم أجوبة عن الأسئلة لتستفز القاريء لمزيد تعميقها، ذلك أن الشاعر يؤمن أن القصيدة لا تكتمل إلا بالقاريء، فالقاريء شريك معه في بنائها.
يذكر أن عبد الوهاب الملوح شاعر وروائي ومترجم تونسي، تنوعت إصداراته بين الشعر والرواية والدراسات الأدبية والترجمة والمسرح، وهذه هي مجموعته الشعرية الحادية عشرة، فمن إصداراته السابقة: رقاع العزلة الأخيرة، الواقف وحده، أنا هكذا دائمًا، سعادة مشبوهة، الليل دائمًا وحده، راقص الباليه، كتاب العصيان، nul ne vient a son heure. كما أصدر روايتين: منذ، وكبابيل الآخرة. وفي الترجمات أصدر: الحديقة الباذخة لهنري ميشو، رسائل للحبيبة فرناندو بيسو، بورتريه سوزان لرولان توبور، ويوميات الحداد لرسولنا بارت. وفي البحوث الأدبية له كتاب فخاخ الدهشة، وكتب مسرحيات عديدة أهمها “سوس”، “انتلجنسيا”، “نو عشية”.
من أجواء المجموعة:
وليلٌ يُروضني بصفاء النجوم؛
أباغته بالدموع محايدة كالبياض معتَّقة كالغياب؛
يُحاصرني بأصابعه تبادلني صخبًا أو صداعًا يُقلِّل عزلتها؛
أطارده بالتداعي ومُكنسة القهقهات.
هي الجدران؛
كفاتورة غير مدفوعة الأجر تتكاثر في حيضها
ومن واجبي أن أنظف شعرها/
أنظف إبط الكون من قرف الآخرين
هو الليل رغوة صابون أمزجة النزوات،
يُبرِّئ
عتمته من عمى الأيدولوجيا
وانتهاكات صمت ابن رشد؛
علَّني في الحقيقة ليل تعفف ليلا؛
يُقمِّط ليل السواد البهيم.
طنجة الأدبية