أهديك قصرُ محبتي وسلامي
وجميلَ أشعاري وشهْدَ كلامي
ألهمتَني فَبَدَا الهيامُ قصيدةً
وتَنَفستْ بِهواكَ كل مسامي
ورحيقُ أوْرِدةٍ بقلبي لم تزلْ
بالعشق نابضةً تُفيضُ هيامي
أربيبةَ التاريخ إِسمكِ مُلهِمٌ
ورُبـاكِ شافيةٌ تَبُلُّ عظامي
ولجينُ بَدْرِك إذ تألقَ ساهرًا
بَث الصبابةَ جـاهراً بِغَرام
أمَّ المدائنِ فِيكِ صادقُ صَبْوتي
ومواجعٌ سَلَفَتْ وحسْنُ مقام
حَبَقٌ رُباكِ وَوارِفاتُ عُروشِها
مُتدلياتٌ تستبيحُ زمـامي
وَرِحَابُك الفَيحاءُ رُبَّ أَكِنةٍ
نَشتاقُها من مُبتدَا وخِتـامِ
وجِنَانُها عَبقٌ يُثيرُ هيَامَنا
سَكَنَ القلوب فما لنا بِفِطـامِ
رَوْضاتُها قُزَحٌ أقامَ بأرضها
مُتعبِّدًا بفضائِها المُتَرامي
قمرٌ يُنيرُكِ والنُّجومُ طَوالعٌ
وَلِلَفْحَةِ الشَّمس الصَّبُوح سلامي
فيكِ رُفَـاتُ أكابـرٍ وأَمَاجدٍ
بدمائِهمْ سَطَرُوا العُلى بِقِوام
وبناتُ وَادِيكِ عرائسُ مَرْجَةٍ
وهضابُهَا مَنَحَتْ وفيرَ طعامِ
يَنْسَابُ لكوسُ المُفَدى هَادِراً
يُحْيي بِوَارفِ دَفقِه وغَمَامِ
سَكنتْ رَوابيهَا رَوافِدُ ماجِدٍ
أبنـاءُ مفخرةٍ وبيتُ شِهَامِ
كانتْ إلى زمنٍ تُعانقُ بَعضَها
ويُداعِبُ البازِي صغيرَ يَـمَامِ
ورجالُها صَنَعُوا الملاحِمَ أمّةً
ما بينَ حَامِلِ مِشعَلٍ وَحُسَامِ
سَلَفٌ بِموقعةِ الثلاثةِ أَورَثُوا
أبناءَهم شَرفـاً وخيرَ رُكَامِ
خَلفٌ على نهْج الفَلاَح تَبَيَّنُوا
فكراً غَـزَا الدُّنيا بِنُورِ كَلامِ
رَفَعُوا لها بينَ المدائِنِ صَرْحَهَا
وَبِعلمِهم نَسَجُوا بديعَ مَرامِ
مَنَحُوا لقَصْرِهمُ نياشينَ النُّهى
وبفكرهمْ حَازوا خُلودَ وِسَامِ
دُورُ الثقافةِ ليس تَعرفُ راحةً
ما بين تَـهْيِئَةٍ جَرَتْ وَإقَامِ
وبِصِيتِها وصلتْ مواقعَ أنْجُمٍ
حَمَلَتْ مَشاعِلَها سَواعدُ سَام
أُدَباؤُها بِنُبُوغِهم بَهَرُوا الدُّنَى
فَتَنَاقلتْ ألقابَـهُم وأَسَامي
يَا دُرَّةً بِبَيَاضِ تاريخٍ سَنَتْ
لَهَفِي أَنُبْدَلُ تُحْفةً بِقَتَامِ ؟!
وُئِدَتْ جَفًا فكأنَّ ما مَرَّتْ بها
يوماً جَحـافلُ فَاتِحٍ وَهُمَامِ
نَكَصَتْ كَما لوْ أنَّ عَيْنَ بَرَاقِشٍ
غَمَزَتْ لَهَا بِالشُّؤْمِ سُوءَ جِسَامِ
قُولِي بَراقِشُ أيْنَ حَبَّةُ تُوتِـهَا
بَلْ أينَ سَامِقُ نَخْلِهَا الْمُتَسَامِي؟
أَيْنَ مَآثِرُهَا الّتي بِـمُعَسْكَـرٍ
مِثْلَ الْعَرِيفِ تَحَوّلَتْ لِحُطَامِ
وَحَدَائِقٌ غَنَّاءُ وَارِفَةُ اللِّحَا
عَبَثَتْ بِها يَدُ عَابِثٍ مُتَرَامِ
وَبِسَاحَةٍ خَرَسَتْ عَقَارِبُ سَاعَةٍ
فَكأن سَكْتَـتَهَا دَلِيلُ نِيَامِ
أَيْنَ الْمُرُوءَةُ فِي سَمَاحَةِ أَهْلِهَا؟
وَقِرَى الضيُوفِ تَوَدُّدٌ بِتَمَام
وَمَعَالِم ٌ فَقَدَتْ جَمِيلَ بَيَانِـهَا
فَكَأنّهَا شَبَحُ الرّدَى الْمُتَنَامِي
أَيْنَ الشِّعارُ لِسَانُ حَالِ رُمُوزِهِ
وَادُ الْمَخَـازِنِ وَاحِـدٌ بِإمَامِ
لَهَفَي وقدْ أبْصَرتُ فيكِ مَعاوِلاً
نَكِرَ الزّمانُ فِعَالَها لِغَرَامِ
أَسَفِي حَدَائِقُهَا تَبَخّرَ حُسْنُهَا
خَرْسَانَةً أَمْسَتْ تُثِيرُ دِمَامِي
وَمَظاهرُ الفوضى تُؤجِّجُ نَارَهَا
وَأُوَارَهَا يدُ نَاهِبٍ وَحَرَامِي
وَمضى بِها اْلإِهمالُ يَفْتلُ حَبْلُهُ:
عَبَثُ النَّوَائِبِ أو صَنِيعُ لِئَامِ
مَأْساتُنَا في الْفعلِ أنَّا لَمْ نَزَلْ
مُتَوَاكِلِينَ وفي قَبِيحِ خِصَامِ
هُبُّوا جَميعاً للنِّداءِ وشَمِّرُوا
أَمَـلٌ لها أَنتمْ وَخيرُ أَنَامِ
وَذَرُوا تَدَمُّرَ عَاجزٍ مُتأَسِّفٍ
بِعزيمةِ النَّصرِ يَفوزُ عِصَامِي
أَمَلٌ يُدَغْدِغُنِي فَأَحْلُمُ أنْ أَرى
حَـدَثاً يُعِيدُ لَهَا جَمِيلَ قِيَامِ
…
الطيب المحمدي