كان جمهور الأدباء والباحثين والمهتمين بوجدة على موعد مع الكاتب والناقد المسرحي الكبير د. عبد الكريم برشيد (صاحب ما ينيف عن سبعين مؤلفا في الكتابة والنقد المسرحييْن) الذي نزل ضيفا على الصالون الأدبي بمركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بالمدينة، يوم السبت 27 أبريل 2019.
تناول “المناضل الاحتفالي” في محاضرته التي عنونها بـ”الاحتفالية: رؤية إنسانية كونية بلا ضفاف” – بعد البدايات الفرجوية الشعبية للمسرح – الأسسَ الرئيسة التي تنبني عليها رؤيته الاحتفالية للفن المسرحي متمثلة في إنسانية الإنسان، ومدنية المدينة، وحيوية الحياة، وحرية الحرية، مستهدفة القيم الكونية المشتركة، والتي هي في روحها قيم عربية إسلامية بالضرورة. وهكذا تحرر الاحتفالية المسرحيةُ الإنسانَ والفن معا من المركزية الغربية، لأنها انطلقت من نقد الإكليشيهات الجاهزة، إذ الفنون والأعياد لا تُستورد، كما تحررهما أيضا من كل أسلاك الحدود الطائفية أوالشعوبية أوالطبقية أو غيرها، لأنها تؤمن بإنسانية الإنسان المطلقة.
كما أبرز المحاضر أن هذه الرؤية التي لم تأت من فراغ، ولكنها انبثقت مما لدينا من خصوصيات في المواسم والشعائر والطقوس والأهازيج والقصص والأساطير وغيرها، عاداها كثيرون بشكل مجاني، بل وتنبأوا بموتها في مهدها، فهي لم تنشأ في يسر، كما لم تشق طريقها بسهولة، فقد حوصرت وطنيا – ولا تزال – وضويقت، واستُهدفت – “والشعوب التي لا تحترم المفكر والفنان لا خير فيها” – ومع ذلك تمددت في كثير من البلاد العربية، وأصبحت تيارا فنيا يفرض نفسه، لأن الاحتفالية تعود بالمسرح إلى هويته “التعيِـيدية” الأصلية (إذ الأعياد احتفالات محضة)، ومن ثمة فالاحتفالية هي الحياة نفسها.
هذا وقد كان لبرشيد لقاء مفتوح مع الحاضرين عقب المحاضرة، أثيرت فيه مجموعة من القضايا العامة والتخصصية، من قبيل رؤية برشيد الأخلاقية والجمالية للمسرح، وموقفه من إحدى المسرحيات التي أثارت ضجة في الوسط الفني قبل حوالي عامين، وعلاقة المسرح بالسينما، وبيانات السبعينيات المؤسِّسة للمسرح الاحتفالي، وبيانات الألفية الثالثة المجددة للرؤية الاحتفالية المتجددة، وعلاقة الرموز التراثية في العالم المسرحي لبرشيد بالواقع المغربي والعربي، وغير ذلك من القضايا المسرحية المختلفة.
طنجة الأدبية