كشف الشاعر إدريس الملياني عن انتمائه إلى الجيل المغربي المُعرَّب الذي درس على يد مشارقة ينتمون إلى العراق وفلسطين وسوريا، وعلى يد مغاربة متشبعين بروح العروبة أمثال المجاطي والهواري وغيرهم من الشباب الذين كانوا يبحثون عن موطئ قدم وقلم تحت الشمس.
وأضاف الشاعر إدريس الملياني الذي حل ضيفا على مختبر البحث في علوم اللغة والخطاب والدراسات الثقافية التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة يوم الخميس 28 مارس 2019، في إطار احتفال المختبر باليوم العالمي للشعر، أضاف أنه أقبل على قراءة روائع الأدب الروسي عن طريق الترجمات العربية “بتحريض” من الواقعية الاشتراكية في الأدب التي كان جيله من عشاقها، وهو ما وَلَّدَ لديه حبا وعشقا للغة الروسية عن طريق الكلمات المتداولة في هذه الترجمات، دفعاه إلى دراسة اللغة الروسية في المركز الثقافي السوفياتي في الرباط، والإقبال على قراءة الأدب الروسي في نسخته الأصلية وترجمته إلى العربية، مستهلا عمله الترجمي بقصيدة “انتظريني سوف أعود” للشاعر قسطنطين سيمونوف[1] التي كانت أشهر قصيدة على الإطلاق في حرب 1941 ضد النازية، تضارع مكانتها عند الروس قصيدة “إذا الشعب يوما أراد الحياة” لأبي القاسم الشابي، أو قصيدة “سجل أنا عربي” لمحمود درويش عند العرب، وتمتاز بحسها الوطني المقاوم الذي يعتبر القاسم المشترك ـ حسب إدريس الملياني ـ بين الشعراء الروس، مما أهَّلَهُمْ ليكونوا أنبياء الحقيقة وآباء الشعب الروحيين ، ورُسُلَهُ وقدوتَه، وجعل قصائدهم تجري على كل لسان، وتفرض نفسها بقوة، مخترقة الزمان والمكان لتأخذ مكانة متميزة في خريطة الأدب العالمي.
وعن واقع الكتابة الشعرية في العالم العربي قال الشاعر إدريس الملياني إن الشاعر المغربي يحمل “مليون ألف بطيخة” في إشارة إلى عبء البحث المتعدد الذي يحتم عليه البحث في الأسطورة والتراث والأمازيغية وغيرها من المواضيع لكي يبدع، في حين يبقى حظ الشاعر المشرقي أفضل بكثير من نظيره المغربي، فكل شيء في متناول يده، الخرافة والأسطورة والتراث والآثار، والأمر نفسه يسري على الإبداع في الغرب، فالمبدع هناك لا يتحمل أي عبء سوى تطوير تجربته والبدء من حيث انتهى الآخرون، وقبل أن يلقي إدريس الملياني كلمته هذه، حرص على إلقاء مجموعة من قصائده واقفا احتراما للشعر كما قال.
وقد افتتح هذا اللقاء بكلمة لعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة الدكتور حسن قرنفل أكد خلالها على تميز المُحْتفى به وتفرده بمجموعة من الخصال النبيلة التي تجعل كل من يتعرف عليه لأول مرة يتمنى لو تستمر علاقته به إلى الأبد، مضيفا أن الشاعر إدريس الملياني يمثل صورة رائقة ومتقدمة للمثقف المناضل، الإنسان، النبيل، الخلوق، المحب للآخرين، والوديع الذي يضفي البهجة على المجالس التي يحضرها بروحه الخفيفة وابتسامته التي لا تفارق محياه.
بدوره أثنى مسير اللقاء الدكتور نورالدين الزويتني على ضيف المختبر الشاعر إدريس الملياني، معبرا عن إعجابه بشخصه لما يمتاز به من تعدد مهام ومواهب (أستاذ ـ صحافي ـ ناقد ـ مترجم)، مشيرا في الوقت نفسه إلى إسهامه في تطوير القصيدة الحديثة بما راكمه من تجربة امتدت على مدى عقود، وأهلته ليكون من رموز الشعر الحديث.
ولم تخرج كلمة رئيسة مختبر البحث في علوم اللغة والخطاب والدراسات الثقافية الدكتورة لطيفة الأزرق عن سابقتيها، إذ أكدت المتدخلة على عمق التجربة المليانية المستقاة من بقاع شتى، ومن ثقافات متعددة يجمع بينها الإنساني، مشيرة إلى أن هذه التجربة أثارت انتباهها لما تزخر به من فردانية وتميز في جوانب مختلفة مثل التناص والاحتفاء بالقافية التي تحقق أثرا جماليا لافتا للانتباه، والاعتداد بالرمز وجمالية المكان، والإجابة عن سؤال مدى مغربية الشعر الذي نكتبه بالعربية المعيار إجابة تنطق به أشعاره وقصائده.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء مع الشاعر إدريس الملياني كان جزءا من نشاط نظمه مختبر البحث في علوم اللغة والخطاب والدراسات الثقافية، بمناسبة اليوم العالمي للشعر، على مدى يومي الأربعاء والخميس 27 و 28 مارس 2019، وشارك فيه مجموعة من أساتذة الكلية وطلبة الدكتوراه والماستر بمداخلات قاربت موضوع الشعر من زوايا مختلفة، وذلك على الشكل الآتي:
الجلسة الأولى صبيحة يوم الأربعاء تحت عنوان “الذاتي والثقافي في الخطاب الشعري”، سَيَّرَهَا الدكتور عبد الرزاق جعنيد، وشارك فيها:
ــ الدكتور عز العرب الأزمي الإدريسي بمداخلة تحت عنوان “فنون الشعر في العصر المملوكي”.
ــ الدكتور عبد الدين حمروش بمداخلة تحت عنوان “الخطاب الأوطوبيوغرافي في الشعر العربي المعاصر”
ــ الطالب الباحث محمد فنان بمداخلة تحت عنوان “ثقافة النص وشعرنة الحدث عند أبي تمام الطائي”
الجلسة الثانية زوال يوم الأربعاء تحت عنوان “الخطاب الشعري القديم: دراسات نصية”، سَيَّرَتْهَا الدكتورة نعيمة الواجيدي،وشارك فيها:
ــ الدكتور عبد الرحيم الراوي بمداخلة تحت عنوان “معلقة عنترة بن شداد: دراسة نفسية”
ــ الدكتور مولاي علي الخامري بمداخلة تحت عنوان “نونية أبي البقاء الرندي في الميزان النقدي”.
ــ الدكتور عبد الجبار لند بمداخلة عنوانها “وجدانية الإقناع في شعر النسيب، نُصَيْب بن رباح نموذجا”
ــ الطالب الباحث رضوان بلبيط بمداخلة عنوانها “الحجاج بالعواطف في الشعر، مقاربة تحليلية لنماذج من الشعر العربي القديم”.
ــ الطالب الباحث خليل الكيال بمداخلة تحت عنوان “الإقناع في شعر عنترة، قصيدة لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب”
ــ الطالب الباحث أحمد بولوزة بمداخلة عنوانها “بلاغة النور في شعر أبي العلاء المعري”.
الجلسة الثالثة صبيحة يوم الخميس، وتمحورت كل مداخلاتها حول المنجز الإبداعي للشاعر إدريس الملياني، سَيَّرَها الدكتور عز العرب الأزمي الإدريسي، وشارك فيها:
ــ الطالب الباحث رشيد بلفقيه بمداخلة تحت عنوان “شعرية المكان في قصيدة باب الرياح للشاعر إدريس الملياني”
ــ الطالب الباحث عبد الهادي الفحيلي بمداخلة عنوانها “بنية الحجاج في قصيدة مدينة العبابيد للشاعر إدريس الملياني”.
ــ الطالب الباحث عبد الله قبس بمداخلة عنوانها “الحجاج العاطفي في قصيدة إنسان الثلج للشاعر إدريس الملياني, ودوره في تشكيل إيتوس الشاعر – مقاربة حجاجية بلاغية”
ــ الطالب الباحث محمد البكادي بمداخلة عنوانها “حجاجية الفضاء في أعراس الميادين للشاعر إدريس الملياني”.
ــ الطالبة الباحثة ابتسام بالدي بمداخلة عنوانها “استعارية الرمز وصرخة الأنا في الخطاب الشعري – ديوان نشيد السمندل للشاعر إدريس الملياني نموذجا”.
ــ الطالب الباحث عبد العزيز الكوميخي بمداخلة عنوانها “حجاجية الإيتوس الشعري في الموازيات النصية لديوان أعراس الميادين للشاعر إدريس الملياني”.
ــ الطالب الباحث بوشعيب العصبي بمداخلة تحت عنوان “بلاغة الحرية والبلاغة المضادة في كعكة الميدان للشاعر إدريس الملياني”.
نورالدين الطويليع-الجديدة