على مدى 120 دقيقة من العرض، يسبر المخرج سعد الشرايبي من خلال فيلمه “الميمات الثلاث، قصة ناقصة” أغوار الصداقة والحب اللذين يتحديان الاختلافات والهويات، عبر رحلة تاريخية تعبر العقود الستة الأخيرة من تاريخ المغرب والعالم العربي والإسلامي.
ويتتبع المشاهد، عبر هذا الفيلم الذي عرض في إطار المهرجان الوطني ال20 للفيلم بطنجة، مسيرة ثلاث أصدقاء، مليكة ومويس وماثيو، ازدادوا ثلاثتهم في نفس اليوم وفي نفس المدينة ونفس الحي، الأولى مسلمة والثاني يهودي والثالث مسيحي، وتربطهم صداقة متينة على الرغم من أوجه الاختلاف بينهم.
إلا أن التطورات السياسية التي تعيشها مختلف أنحاء العالم ستفرق بينهم، حيث سيغادر مويس المغرب متجها إلى إسرائيل، فيما يأخذ ماثيو وجهة فرنسا، ثم شاءت الأقدار أن يجتمع الثلاثة من جديد، محاولين الوفاء بالعهـد الذي قطعوه على أنفسهم، بالرغم من الأحداث الصاخبة التي تمور بها تلك الحقبة، والتي كان لها الأثر الشديد والعنيف في بعض الأحيان في بروز اختلافات بينهم.
ويستكشف سعد الشرايبي في هذا الشريط الأسباب التاريخية التي شكلت شرارة ما سمي “الربيع العربي”، راصدا الأحداث الصاخبة التي عاش على وقعها العالم منذ خمسينيات القرن الماضي، ومنها على الخصوص الهجرة وقضية البترول والنزاع العربي الإسرائيلي.
وقال مخرج الفيلم، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذا الشريط يدفع بالمشاهد إلى التساؤل حول “الحماقة” التي يعيشها عالمنا اليوم، وأسباب تناميها يوما بعد آخر، موضحا أنه خلال خمسينيات القرن الماضي كان السلام والتعايش بين الأديان سائدين بالمغرب على الخصوص ثم توالت الأحداث والصراعات حتى برز صراع الأفكار والمواقف السياسية والتاريخية والاقتصادية والإنسانية ثم انطلقت شرارة “الربيع العربي”.
وأضاف أن العمل على هذا الفيلم انطلق منذ سنة 2012 في أعقاب “الربيع العربي”، مشيرا إلى أنه أراد تسليط الضوء من خلال هذا الفيلم على أسبابه والأحداث التي ساهمت في اندلاعه، ما جعله يعود بالزمن 100 سنة إلى الوراء.
وبالنسبة للعلاقة التي تجمع بين الأبطال الثلاثة، قال الشرايبي إن الصداقة من أسمى وأقوى العلاقات التي يمكن أن يعيشها الإنسان، مضيفا أن علاقة الصداقة بين هؤلاء الأشخاص الثلاثة هي الدعامة والركيزة الأساسية فيما بينهم، استمرت على مدى 60 سنة رغم كل الأحداث التي مروا بها لأنهم في نهاية المطاف لم ينساقوا مع هذا الجنون الذي يسود في عالمنا.
وأشارت الممثلة صونيا عكاشة التي لعبت دور مليكة، في تصريح مماثل، إلى أن هذا الفيلم هو أكثر من مجرد علاقة عقيدة ودين بل هو علاقة صداقة ومحبة.
وقالت إن هؤلاء الأصدقاء الثلاثة، على الرغم من اختلاف ديانتهم وأصولهم، كان يجمعهم ما هو أقوى وهو المشاعر والعواطف.
وتعرف هذه الدورة مشاركة 15 فيلما في المسابقة الرسمية للفيلم الطويل، ويتعلق الأمر بأفلام “عاشوراء” للمخرج طلال السلهامي، و”هلا مدريد، فيسكا بارصا” لعبد الإله الجوهري، و”أنديكو” لسلمى بركاش، و”جمال عفينة” لياسين ماركو ماروكو، و”امباركة” لمحمد زين الدين، و”الميمات الثلاث، قصة ناقصة” لسعد الشرايبي، و”دقات القدر” لمحمد اليونسي، و”مواسم العطش” لحميد الزوغي.
كما ستشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان أفلام “نذيرة” لكمال كمال، و”صوفيا” لمريم بنمبارك، و”التمرد الأخير” لجيلالي فرحاتي، و”سنة عند الفرنسيين” لعبد الفتاح الروم، و”طفح الكيل” لمحسن بصري، إلى جانب الشريطين الوثائقيين “حياة مجاورة للموت” للحسن مجيد و”نبض الأبطال” لهند بن صاري.
طنجة الأدبية- و م ع