تسلم الشاعر اللبناني وديع سعادة، اليوم الأربعاء بالرباط، جائزة الأركانة العالمية ، التي يمنحها بيت الشعر في المغرب، بشراكة مع مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير وبتعاون مع وزارة الثقافة والاتصال.
وتسلم الشاعر سعادة جائزة الأركانة العالمية في دورتها ال13 خلال حفل أقيم برحاب المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بحضور ثلة من الشعراء والكتاب، مغاربة و من بلدان عربية، وشخصيات من آفاق مختلفة.
واعتبر الشاعر وديع سعادة في كلمة بالمناسبة، أنه في الوقت الذي تكاد فيه الجوائز الأدبية العربية تنحصر في الرواية ولاتلتفت للشعر إلا فيما ندر، تبرز جائزة الأركانة العالمية للشعر لتسد هذا الفراغ الثقافي ليس على المستوى العربي فحسب، بل على المستوى العالمي، مشددا على أنه إذا كانت الجوائز العربية “تتحكم فيها إلى درجة ما العلاقات العامة وربما المحسوبية أيضا، فإن جائزة الأركانة تنأى بنفسها عن ذلك وهذه قيمة إضافية تميزها عن بقية الجوائز الأدبية العربية”.
وأردف قائلا ” إن العالم أقل جمالا بدون شعر(..) فالعالم مليء بالعنف والعنصرية والقتل والحقد والعنصرية واللاإنسانية والشعر هو إدانه لكل هذا، وبهذا المعنى فإن جائزة الأركانة حين تكرم الشعراء تكون في الوقت ذاته تعلي من مقام الجمال وتدين العنف والعنصرية”.
من جهته، قال وزير الثقافة والاتصال السيد محمد الأعرج إن تكريم صاحب “نص الغياب” بهذه الجائزة الراقية المرموقة، هو تحية مغربية للشعرية اللبنانية، التي تبقى واحدة من أهم التجارب المؤسسة لحداثة الشعر العربي، لا تكاد تضاهيها سوى الشعرية المغربية التي تأسست منذ أربعينيات القرن الماضي، مع رواد الحداثة المغاربة، من أمثال محمد نسيم السرغيني ومحمد الصباغ وغيرهما.
وأضاف أنه ومثلما كانت المجلات الشعرية منطلقات للتجارب الإبداعية العربية الرائدة، صارت الجوائز الشعرية الكبرى، ومنها جائزة الأركانة، تتويجا لهذه المنجزات الأدبية والتراكمات الشعرية في المشهد العربي خلال العقود الأخيرة. وجاء في تقرير لجنة تحكيم الدورة الثالثة عشرة للجائزة، الذي تلاه الأمين العام للجائزة حسن نجمي أن “اللبناني وديع سعادة ،يقطر نصوص ه بلغة شديدة الص فاء، محاولا إعادة تركيب الحياة، م مجد ا الغ ياب والعابرين، في قلق وجودي عم يق، آسر، يضيء العدم و يعان قه، ويؤن س ن الطبيعة والأشياء من خلال مزيج مكثف، ومده ش، من البلاغة الشعرية المتأخرة، ومن الفانتازيا، ومن الشذرية، ومن الس ردي والسير ذاتي”.
وأضاف ان “قصيدته انفلتت، باكرا أيضا، من إس ار عم ود الشعر، لتلامس رحابة الش عر في نثر الحياة و تحررها و تمردها،مضيفا ان المحتفى به قدم، ط يلة ن صف قرن، م نجزا ش عريا متفردا أسهم، بجماليت ه العالية، في إحداث انعطافة في مسار قص يدة النثر العربية وفتح ها على أفق كوني يحتفي بالشخصي والإنساني والحياتي.
أما رئيس بيت الشعر في المغرب مراد القادري فقد أكد أنه منذ انطلاق الجائزة في أوائل الألفية وهي تتلون وتغتني باصوات شعرية مميزة ومضيئة في سماء الشعر الانساني، معتبرا أن كل شاعر فائز بها يمثل عالما خصبا ومفتوحا من القول الشعري المدهش والمعبر عن انخراطه في مدارات الحداثة والانتساب لأحلام البشر التي لا تقف عند رصيف.
وأبرز أن تمجيد الغياب والعابرين ، ليست الخصيصة الوحيدة في المنجز الشعري لوديع سعادة، فثمة الكثير من الحالات والمعاني الوجودية التي تطل من متنه الشعري، مشيرا إلى ان وديع سعادة لا يشبه أحدا ، فيما يسعى الكثيرون للتشبه به، واقتفاء آثار خطوه الشعري، ذلك الخطو المسكون بالطفولة والبراءة الصادمة والمدهشة.
من جهتها، أكدت المديرة العامة لمؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير أن المؤسسة نجحت برفقة بيت الشعر بالمغرب ووزارة الثقافة والاتصال في ترسيخ جائزة الأركانة العالمية للشعر، ليس داخل النسيج الثقافي المغربي فحسب، بل داخل المشهد الشعري العربي والعالمي كلحظة للانتصار للشعر بما هو روح الإنسانية وجوهر معناها.
وأضافت ان هذه الجائزة تشكل منصة يلتقي فيها صناع الدهشة من أجل الحلم بعالم أفضل، خال من الحروب والاقتتال، وحيث يمكن للانسان ان ينعم بالاستعارات الجميلة ليغذي حاجته الدائمة للخيال والفن والإبداع.
ولد الشاعر الشاعر وديع سعادة، يوم 6 يوليوز1948 في رية شبطين، شمال لبنان. وعمل في الصحافة العربية في بيروت ولندن وباريس و أثينا ونيقوسيا، قبل أن يهاجر مع أسرته إلى استراليا أواخر 1988. ومازال يمارس الصحافة في سيدني، ويكتب في عدد من الصحف والمجلات العربية.
صدرت للشاعر المجاميع الشعرية “ليس للمساء أخوة – 1981 “، و”المياه المياه – 1983 “، و”رجل في هواء مستعمل يقعد ويفكر في الحيوانات – 1985″، و”مقعد راكب غادر الباص – 1987″، و”بسبب غيمة على الأرجح – 1992”.
وضمت لجنة تحكيم جائزة أركانة العالمية للشعر، برسم سنة 2018 كل من الناقدين عبد الرحمان طنكول (رئيسا)، وخالد بلقاسم، والشعراء رشيد المومني، ونجيب خداري، ومراد القادري،و رشيد خالص، وحسن نجمي الأمين العام للجائزة.
يذكر أن جائزة الأركانةالعالمية للشعر آلت في دوراتها السابقة ، على التوالي، للشعراء بي ضاو (الصين) ومحمد السرغيني، ومحمود درويش (فلسطين) وسعدي يوسف (العراق)، والطاهر بنجلون، ومارلين هاكر (الولايات المتحدة) وأنطونبو غامونبدا (اسبانيا) وإبف بونفوا (فرنسا) ونونو غوديس (البرتغال) وفولكر براون (ألمانيا)، ومحمد بنطلحة،والشاعر الطوارقي محمدين خواد.
طنجة الأدبية