اجتمعت، في مدينة الرباط، لجْنَة تحْكيم جائزة الأركانة العالميّة للشعر، التي يمْنحُها بيتُ الشعر في المغرب بشراكةٍ مع مؤسسة الرعاية لصُندوق الإيداع والتدبير وبتعاونٍ مع وزارة الثقافة والاتصال، قطاع الثقافة. وتبلغُ القيمة المادية للجائزة اثني عشر ألف دولار أمريكي، تُمْنحُ مصحُوبة بدِرع الجائزة وشهادتِها إلى الشّاعر الفائز في حفلٍ ثقافي كبير، ينعقدُ يوم الأربعاء 6 فبراير 2019 بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، عِلاوة على إحْياء الشّاعر المتوّج لأمسية شعرية يوم السبت 9 فبراير 2019 ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بمدينة الدار البيضاء.
وقد تكوّنت لجنة تحكيم هذه الدورة من الناقدين عبد الرحمان طنكول (رئيسا)، وخالد بلقاسم، والشعراء رشيد المومني، نجيب خداري، مراد القادري، رشيد خالص، وحسن نجمي الأمين العام لجائزة الأركانة العالمية للشعر.
و قد آلت جائزةُ الأركانة العالمية للشعر لسنة 2018 في دورتها الثالثة عشرة، إلى الشّاعر اللبْناني وديع سعادة الذي قدّم، طِيلة نِصف قرنٍ، مُنجزا شِعريّا متفرّداً أسْهم، بجماليتِه العالية، في إحْداث انْعطافةٍ في مسار قصِيدة النّثر العربيّة وفتْحِها على أفقٍ كوني يحْتفي بالشّخصي والإنساني والحياتي.
ففي مزيجٍ مكثّفٍ، مدْهِشٍ، من البلاغة الرومنطيقية المُتأخرة، ومن الفانتازيا، ومن الشّذرية، ومن السّردي والسير ذاتي، يُقطّرُ وديع سعادة نصُوصَه بلغةٍ شديدة الصّفاء، مُحاولا إعادة ترْكيب الحياة، مُمجّدًا الغِياب والعابرين، في قلقٍ وجُودي عمِيق، آسر، يُضيءُ العدَم و يُعانِقه، ويُؤنْسِنُ الطبيعة والأشياء.
هو الذي أعْـلن مبكّرا، في مجمُوعته الأولى “ليس للمساء إخوة” انْكسار زجاجة العالم في يَده، دأبَ على بِناء عوالِمه، وشُرُوخ ذاته، داخل الهشاشة، والحلم، والوهم، والنّبرة الخافتة، والحِكمة، والجنُون، وضجِيج الصّمت، وحَطب الذكرى، ملاحِقـا الأثر الذي يـذوبُ و يزُول.
هو الذي انتمى إلى عديدِ الأمكنة، و إلى اللاّمكان، ليكتبَ أسْطورة المَنافي ويمْحُوها، ليكتب أسْرار الماء والغابة، ليتذكّر الشّجر و الحَجر و الريحَ و الذّئب الذي يُطاردُ الخرُوف في قـلب الشّاعر.
قصيدتُه انفلتت، باكرا أيضا، من إسَار عمُود الشعر، لتُلامِس رحَابة الشّعر في نثْر الحياة و تَحرّرها و تمرّدها. و تعلّم أنّ ماءَ الشّعر لن ينْساب فِي أعْطاف القصيدة إلاّ حين يقُولُ ذاتَه. وهكذا كانت سِيرته هي شِعْره، لاشيء خارجَها، حيث يرتَطِمُ الشّعْر، دومًا، بالشّاعر، في جدلٍ حميم، تتعدّدُ ألوانُه و ظِلاله وأضْواؤُه، وتتحوّل، و تتباعد لتتلاحم و تتناغم أكثر فأكثر… فتصير نبْعًا، منه تنْبجِسُ قطرةُ الشّعر وإليه تعُود.
ولـد الشاعر وديع سعادة، يوم 6 يوليوز1948 في قرية شبطين، شمال لبنان. عمِل في الصحافة العربية في بيْروت ولندن وباريس و أثينا ونيقوسيا، قبل أنْ يُهاجر مع أسرته إلى استراليا أواخر العام 1988. ومازال يُمارس الصحافة في العاصمة الأسترالية سيدني، ويكتب في عددٍ من صُحف ومجلات الوطن العربي.
صدرت للشاعر المجاميع الشعرية التالية:
• ليس للمساء أخوة – 1981
• المياه المياه – 1983
• رجل في هواء مستعمل يقعد ويفكر في الحيوانات – 1985
• مقعد راكب غادر الباص – 1987
• بسبب غيمة على الأرجح – 1992
• محاولة وصل ضفتين بصوت – 1997
• نص الغياب – 1999
• غبار – 2001
• رتق الهواء – 2006
• تركيب آخر لحياة وديع سعادة – 2006
• الأعمال الشعرية الكاملة (عن “دار النهضة العربية”) – 2008
• من أخذ النظرة التي تركتُها أمام الباب؟ – 2011
• قُل للعابر أن يعود، نسيَ هنا ظلَّه – 2012
وقد منح الشاعر وديع سعادة، سنة 2011، جائزة ماكس جاكوب الفرنسية الشهيرة عن الأنطولوجيا التي أعدّها له وترجم نصوصها أنطوان جوكي، وصدرت عن دار “أكت سيد” الباريسية ( سلسلة”سندباد”) بعُـنوان ” نصُّ الغياب وقصائد أخرى” و ضمّت مُختاراتٍ من مجاميع وديع سعادة الشّعرية بمقدمة للشاعر صلاح ستيتية.
طنجة الأدبية