بدعوة من المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، شارك البروفسور محمود غنايم، رئيس مجمع اللغة العربية في الناصرة، في برنامج إطلاق معجم الدوحة التاريخي للغة العربية. وقد امتدّ المؤتمر على يومي 10 و11 دجنبر، وتوزّع بين حفل إطلاق البوابة الإلكترونية للمعجم برعاية أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في صبيحة يوم الإثنين وبين سلسلة من المحاضرات والمناقشات بحضور كوكبة كبيرة من الباحثين في مجال اللغة من مختلف البلاد العربية.
والجدير بالذكر أن فكرة معجم الدوحة التاريخي بدأت في التبلور في مؤتمر النهوض باللغة العربية الذي عقد في قطر عام 2012 بحضور البروفسور غنايم الذي مثّل مجمع اللغة إلى جانب رؤساء مجامع اللغة العربية الذين برز من بينهم رئيس اتحاد مجامع اللغة العربية ورئيس مجمع اللغة في القاهرة الأستاذ الدكتور حسن الشافعي. ومن ثمّ تطورت الفكرة حيث أقيم مجلس علمي للمعجم برئاسة الدكتور رمزي بعلبكي وإدارة تنفيذية للدكتور عز الدين البوشيخي من المغرب.
المؤتمر قدّمت فيه محاضرات برزت من بينها مداخلات الأساتذة الذين عملوا في المعجم بشكل خاص وأنجزوا المرحلة الأولى من المعجم التي تمتد على سبعمائة عام من القرن الخامس ما قبل الهجرة وحتى القرن الثاني بعد الهجرة (120-816م). وتتلخص الفكرة في تتبع معاني الألفاظ وتغيراتها عبر النصوص، سواء من النقوش أو الوثائق المكتوبة بشتى الوسائل وحتى ظهور المخطوطات في مرحلة متأخرة من القرن الأول الهجري (622م).
وصرح البروفسور غنايم أن هذا المشروع يعدّ عملاً جبارًا وظّفت فيه التقنيات الحديثة والقدرات الخلاقة لتقديم خدمة كبيرة للغة العربية لم يسبق أن أتيحت من قبل. فثمة محاولات بدأت منذ القرنين التاسع عشر والعشرين لتأليف معجم تاريخي يعنى بتتبع تطور المعاني، لعل أهمها ما قام به المستشرق الألماني فيشر. ولكن هذا العمل لم يستمر لأنه كان بحاجة لخبرات كثيرة وميزانيات ضخمة. ثم طرحت الفكرة ثانية من خلال مجمع اللغة العربية في القاهرة، لكن الأمر لم يخرج إلى حيّز التنفيذ.
وفي حديث مع الأستاذ غنايم ذكر أن المشروع سيستمر في مرحلته الثانية التي ستكون من الناحية العملية أكثر سهولة لتوفر النصوص، لكنها أكثر تشعّبًا لكثرتها بدءًا من القرن الثالث الهجري (816م فما فوق).
وركّز المؤتمرون على الفائدة المرجوة من هذا النوع من المعاجم التي ألفت للغات الأوروبية، كالإنجليزية والفرنسية والألمانية، وتمّ الاستفادة من تلك التجارب لتأليف معجم تاريخي للغة العربية، وإن كانت لغتنا العربية تمتد جذورها عبر التاريخ إلى فترة أطول من هذه اللغات. ولعل أهم فائدة لهذا المعجم أنه سيكون نواة للعديد من الأبحاث التي ستكشف عن حقائق جديدة في فهم التاريخ وإعادة النظر في الكثير من المسلمات الثقافية، سواء في مجال اللغة أو الأدب أو الثقافة بشكل عام، وسيصبح هذا المعجم المتوفر إلكترونيًا حاجة أساسية لكل باحث في تاريخ الثقافة العربية على جميع الأصعدة.
(من سيمون عيلوطي المنسق الإعلامي في المجمع)