اختتمت اليوم في مدينة الصويرة أعمال”الملتقى الدولي حول المدن والتراث في الدول العربية” الذي تم تنظيمه خلال الفترة من 26 – 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018 ، بمشاركة 16 دولة عربية وعدد من الخبراء الدوليين المعنيين بشؤون التراث والمدن التاريخية.
وكان هذا الملتقى ثمرة تعاون بناء بين المركـز الإقليمـي لحفظ الـتراث الثقافي في الوطـن العربي إيكروم – الشـارقة والجمعية المغربية للأركيولوجيا والتراث، وهما الجهتان المنظمتان للمؤتمر بالشراكة مــع وزارة الثــقافة والاتصال، وبمساهمة عدد من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في المغرب.
وتضمن الملتقى عرض عدد من التجارب والخبرات العملية وجلسات النقاش الجماعية، إضافة إلى العديد من الحالات الدراسية من المنطقة العربية، وخاصة من شمال أفريقيا والشرق الأوسط وشبه الجزيرة العربية، التي ترمي إلى الحفاظ على جودة الحياة في الأحياء والمدن التاريخية، باعتبارهما الطريق الأنسب للنهوض بالموروث الثقافي وتحقيق التنمية المستدامة.
وركز الملتقى من خلال فعالياته ونشاطاته المتعددة على ثلاثة محاور رئيسة، هي: الأطر المؤسساتية والقانونية التي تهدف إلى دمج الحفاظ على الأحياء والمدن التاريخية ضمن إطار التنمية المستدامة وتحقيق التوازن بين البيئة المبنية والطبيعية؛ وبناء القدرات العملية والمؤهلات الدراسية والجامعية وتشجيع البحث العلمي وتبادل المعلومات والتواصل الهادف؛ وأخيراً تحقيق التشاركية والتعاون بين أصحاب المصلحة، وكذلك الأمر بين المؤسسات الدولية المختصة والخبراء ومدراء مواقع المدن التاريخية
وكان اليوم الثاني من الملتقى قد تضمن مجموعة من المحاضرات والحالات الدراسية من المغرب ومصر وتونس وليبيا عن منطقة شمال أفريقيا، ومجموعة أخرى من الحالات الدراسية من فلسطين ولبنان والأردن وسورية من منطقة الشرق الأوسط. واستعرضت هذه الحالات الدراسية التي قدمها عدد من الخبراء العرب مجموعة من التجارب والمشاريع المتميزة في هذه الدول بهدف الحفاظ على الموروث الثقافي والتراث العمراني في هذه الدول.
بينما شمل اليوم الأخير من الملتقى مجموعة أخرى من الحالات الدراسية من شبه الجزيرة العربية، وتضمنت تجارب متميزة من اليمن، والامارات العربية المتحدة، والعراق، والمملكة العربية السعودية، بينما ختمت الجلسة بمحاضرة هامة حول جهود الإيسيسكو وأنشطتها حول المدن العتيقة والتراث في العالم الإسلامي، ومحاضرة أخيرة بعنوان كيف يمكن لمقاربات حول إعادة البناء بعد الحروب أن تحفظ أصالة المدن التاريخية.
وفي ختام الملتقى قام الدكتور زكي أصلان مدير مركز ايكروم –الشارقة، والدكتور عبد العزيز توري الرئيس المنتدب للجمعية المغربية للأركيولوجيا والتراث بترأس الجلسة الختامية التي تم فيها تلخيص النتائج والملاحظات ووضع تصور من قبل المشاركين لأهم الخطوات والأعمال التي يمكن القيام بها على الصعيدين المحلي والإقليمي في المرحلة القادمة للنهوض بواقع التراث الثقافي في الدول العربية. وتم تلخيص هذه الخطوات في ختام الجلسة بما يلي:
1. في مجال جرد وحصر التراث: توثيق الفترة الحالية من خلال إطلاق شبكة خاصة وبناء منصة لتوثيق المشاريع القائمة باستخدام نظم المعلومات الجغرافية بمشاركة الجهات المعنية بالتراث الثقافي في العالم العربي، مع إمكانية الاستفادة من مختبر ايكروم- الشارقة لنظم المعلومات الجغرافية المتوفر حالياً.
2. في مجال الأطر القانونية والمؤسساتية، تم التأكيد على تقييم القوانين القائمة حالياً قبل السعي لتطويرها. وعلى الصعيد البشري أوصى المشاركون بضرورة بناء القدرات لتتعدى الجوانب الفنية والتقنية، ليشمل ذلك ايضاً الجانب الاستراتيجي ضمن منظور مؤسس بشكل صحيح، ويعمل ضمن خطة بعيدة المدى.
3. تنظيم مجموعة من الأنشطة العملية ضمن موضوع إعادة الإعمار، وهو الموضوع الذي سوف يستمر العمل عليه من قبل ايكروم –الشارقة في المرحلة القادمة؛ ووضع آلية ومنهجيات تتضمن خطوط عريضة لعملية إعادة الإعمار، وإيجاد دليل متخصص حول هذا الموضوع.
4. نشر الأوراق البحثية والتجارب التي تم تقديمها خلال الملتقى بهدف توثيق هذه التجارب والحوارات التي دارت ضمن الملتقى، والعمل على إيجاد دليل عمل لإدارة المدن التاريخية.
5. نشر فهرس للمصطلحات المستخدمة في مجالات التراث الثقافي وإدارة المدن التاريخية.
6. تكثيف الجهود لإطلاق صندوق لتمويل المشاريع الخاصة بالتراث الثقافي بالتنسيق مع الجهات المانحة، ويمكن في البداية القيام بدراسة منهجية حول ضرورة وكيفية تأسيس مثل هذا الصندوق نظراً لضخامة المقترح وتشعبه.
7. العمل على تعزيز التواصل مع وسائل الإعلام وإشراكها في الجهود الرامية للنهوض بواقع التراث الثقافي، وإعطاء دور فعال وأكثر أهمية لوسائل الإعلام المختلفة في الملتقيات القادمة نظراً للدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه ضمن هذا الإطار.
وفي نهاية الجلسة الختامية شكر السيد عبد العزيز توري جميع المشاركين والقائمين على تنظيم هذا الملتقى الهام، وقال: “نحن سعداء جداً باستقبالكم، ولايمكنكم أن تتخيلوا كم كان لحضوركم ومشاركتكم في هذا الملتقى صدى ايجابي في هذه المدينة، وكذلك الأمر بالنسبة لوسائل الإعلام المغربية التي أولت اهتماماً كبيراً بالملتقى”. وختم قائلاً: “سوف نعمل مع ايكروم –الشارقة على مراجعة الأفكار والمقترحات التي قدمت خلال الملتقى، واقتراح المواضيع الأكثر الحاحاً لطرحها في اللقاء المقبل واللقاءات التالية”. كما وجه باسم الجمعية المغربية للأركيولوجيا والتراث ومركز ايكروم – الشارقة ونيابة عن جميع المشاركين في الملتقى برقية شكر وتقدير لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة وسمو الأميرة للا حسناء رئيسة الجمعية المغربية للأركيولوجيا والتراث، على رعايتهما الكريمة لهذا الملتقى ودعمهما الكبير للتراث الثقافي في العالم العربي.
طنجة الأدبية