البارحة صادف يوم الرجل، اِجتمعت وبعض صديقاتي ننتظر مرور هذا اليوم الممل جدا، هذا اليوم الضبابي المشؤوم والمخيف، المرصع بقطرات المطر القاسية، ولا أدري إذا ما كانت تلك مصادفة أم رسالة؟
جلسنا أمام نافذتي نستحضر بعد القصص وكانت إحداهن تبكي بكاءا طويلا، وقد فهمنا منها أن حبيبها تركها. فاجتذبنا حديثا جميلا في البداية سرعان ما تحول إلى حسرة وقهر.
نطقت الأولى قائلة: ياعزيزتي كلما بكيت أنثى خسرنا نجمة وماتت وردة وبكيت السماء دون توقف، أحلى ما في الحب أنه خلق للجميع وأسوأ ما في جميع الرجال أنهم سيؤون في الحب.
ثم قاطعتها الثانية: لا تعتبي لأن العتب صنعة الضعفاء ولا تتجاهلي فالتجاهل طريقة المستعبدين، نحن قويات فلا داعي أن نجمع بين الضعف والولولة، البكاء والعويل لن يجديا نفعا، كوني جلادا لكن احذري دور الضحية.
ثم أكملت الثالثة: على فكرة النساء ضحايا الحب كثيرات ستجدينهم على ناصية الأحلام مستلقيات يتوسدون ذكرياتهن الباهتة، الحب دائما الحلقة المفقودة الدائرة المغلقة تركضين وتجدين نفسك داخلها.
ثم أضافت الرابعة: كل شيء قابل للجنون مادام النهد مدرا للفتنة، ونحن لا نستفيد شيئا من الحمولة الزائدة، فنحن اللواتي تقرحت أشداقهن من مضغ الحزن الجاف، وضرب السياط اللاذع على قلوبهن، إلا أن قشرة قاسية على الأفئدة تقي شر السوط وألمه، قشرة من نفس فخامة القشرة التي وضعها الرجال على بعض الأعين لمدة من الزمن حتى لا نرى الجوانب ولا ننظر للوراء.
وقالت الخامسة بنبرة إستهزاء: بمجرد أن يعرف مقاس صدرك وموعد دورتك الشهرية سيبحث عن مقاس آخر وتواريخ أخرى.. فنظرنا إليها بإستغراب وبعض الضحكات تبدو وتغدو، وأعيننا تملؤها الأسئلة.. فسارعت تنتقي الكلمات قائلة: المرأة شيطان يلعن أمام الملأ ويعبد في الخفاء على سرير يعد محراب تبتل، وتكون حبيبة حين لا توجد إلتزامات، ومصيبة عند الجد، من ذا سينصفنا من ذكورة تأتي في إستعجال وترضى المبيت فقط، وفحولة لا ترضى أنصاف الحلول، ولا ترضى التأجيل ولا تقبل الأعذار حين تنتصب الغاية؟..ولازلنا نحن الغبيات نكتب شعرا ونحلم بحب عذري، متعطشات لغزل طاهر لا غاية من ورائه غير الحب نفسه، دائما ما تحترق الأماني اللذيذة وتندلق الأفراح من أيدينا قسرا صوب الغيب، الحب مؤلم حين أعاني ويكتفي هو بالرقص، حين أصرخ فيغني، حين تنسلخ روحي ويستمتع بالشواء، حين أحتضر ويعيش حيواتي..
ثم بكل غبن نطقت السادسة وعيناها تتلألآن دمعا: أنا لم تكن لي فرصة التعرف على رجل ولا فرصة لمس الحب، فما كان يفعله بي أخي كان يجعلني أمقت الرجال، فمذ تركنا أبي حمل أخي المشعل وصار الآمر الناهي، وكما كان أبي يعامل أمي عاملني هو، فقد ألبس رأسي خرقة سوداء حين نزلت مني قطرات الدم الأولى وعلم، وأقعدني في البيت حين رآني رفقة تلميذ ذكر، بعدما ضربني حتى دق ضلوعي، وجعلني أمسح البلاط وأعد الطعام خمس مرات دون أن يصلي هو في إحداهن، وكنت أشغل بعض الموسيقى حين لا يكون موجودا وأحلق كسنونوة فوق اليباب، وأحرك جسدي المصنوع من أوراق الأشجار الخريفية والطين المفتول على فوهة جحر النمل، حتى يدخل فجأة ويكسر أجنحتي بالحزام الجلدي أو عصا المكنسة، وفي يوم أرسلني عند خالتي للمبيت قسرا، فتحرش بي إبنها ولم أكن أفهم ما ذلك، فقط دق قلبي فلذت هاربة، وعدت للبيت وأنا أسمع قهقهات عهر لم أعهدها قذفتني بوابل من الرماح، فلمحته عبر ثقب الباب وإحدى بدينات الحي على سرير أمي فكرهته كما تكره النساء القمل، وعدت لخالتي خوفا من المكنسة المؤلمة، إعتقادا مني أن التحرش لا يؤلم..
كانت السابعة تبكي وتحدثت بقلب رعديد قائلة: سيكون ثوبي الأبيض منسوجا من حزن آلامي ومن آهات فزعي، وإني كلي ثقوب كشباك الصيادين، قطرات المطر اليوم لم تنزل لتنبت الكلأ، بل لتغسل الدموع، و آه من حرقة دموعنا..
أخبرتنا الثامنة وهي تشعل سيجارتها: أنا لن أطيل فحكايتي كليلى والذئب، مقزز هو الذئب في أي حلة وجميلة هي ليلى حين تحتكرها الحدائق، فلا لذة وأنت تشاركين وحشا حياتك آملة الفرج، ما كان يرويني حقا أنه كلما إلتهم جسدي ونهض من جانبي، تذكرت أنقاض رجل وذكرى غياب، وحظيت بنشوة تبتدئ حين لهفة وتختفي حين بلل، فكان لابد لي من حل لا بد لي من الطلاق..
علمت أن لي وللنساء قصصا تتشابه ولا تتشابه، لكن الجرح الغائر واحد، لن تشفيه الهدايا والغزل الكاذب ولا حتى هذا التقدم الذي نناضل لأجله نحن النساء..
نظرنا إلى الأرض ثم إلى بعضنا بحب دون أن نقول يوما مجيدا لأشباه الرجال، إحتفلنا على ذكرى جراحنا ورفعنا كؤوسنا إلى السماء هناك حيث الحب حقيقي وموجود..
أميمة الغاشية
دعني أقدمك
اسمي هلال أمير الدين طلاب الجامعة الأندونيسية.
أنا حاليا أقوم بإجراء دراسة للأدب العربي.
واحدة من الأعمال الأدبية التي أدرسها هي بعنوان نساء لا تحتفين بعيد الرجل من أميمة الغاشية.
واحدة من احتياجاتي في هذا البحث هي البيانات الحيوية للمؤلف. إذا كنت ترغب في ذلك ، فأنا في حاجة حاليًا إلى الحصول على بيانات بيولوجية لمؤلف كتاب أميمة الغاشية لنشره في عملي العلمي.
شكرا جزيلا