من جديد سنة 2018 على مستوى دعم تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية ببلادنا سحب المركز السينمائي المغربي ، في آخر لحظة ، لترشيح مهرجانه الوطني للفيلم من قائمة المهرجانات والتظاهرات السينمائية المرشحة للحصول على دعم اللجنة الوطنية الجديدة ، برئاسة صبح الله غازي ، المكلفة بدراسة ملفات المهرجانات المرشحة والحسم في مبالغ دعم تنظيمها برسم الدورة الأولى للسنة الجارية ، أي دورة مارس التي انعقدت متأخرة يومي 7 و8 يونيو الجاري .
وهذا السحب المفاجئ أثار فينا مجموعة من التساؤلات من بينها ما يلي : هل اقتنعت مؤخرا إدارة المركز السينمائي المغربي ، باعتباره مؤسسة عمومية وصية على قطاع السينما بالبلاد ، بضرورة الخروج من حالة التنافي التي عاشت فيها منذ انطلاق هذا الشكل من الدعم العمومي سنة 2013 ؟ ألم تشعر هذه الإدارة بالحرج إلا بعد تعالي الصياح والاحتجاجات ومطالبة العديد من المرتبطين بالمهرجانات ودعمها ، بما فيهم بعض أعضاء لجنة الدعم السابقة برئاسة محمد مصطفى القباج ، بالبحث لمهرجانات الدولة عن تمويل خاص بها من ميزانية المركز السينمائي المغربي والوزارة التي يعمل تحت وصايتها وغيرها ، وتخصيص ما كانت تستنزفه من ميزانية الدعم الهزيلة أصلا ليساهم في الرفع من جودة واحترافية المهرجانات والتظاهرات المنظمة من طرف جمعيات المجتمع المدني وغيرها ؟ هل يمكن اعتبار هذا السحب بداية لتنفيذ إحدى توصيات اللقاء الدراسي التواصلي حول المهرجانات السينمائية ، الذي نظمته لجنة الدعم السابقة برئاسة محمد مصطفى القباج يوم السبت 21 يناير 2017 بالخزانة السينمائية المغربية بالرباط ، والداعية إلى ضرورة تكفل الدولة بتمويل مهرجاناتها الأربعة بطنجة والعيون ومراكش ؟
فالمعروف أن المهرجانات الثلاثة ، التي يشرف عليها المركز السينمائي المغربي مباشرة وبشكل رئيسي ، تستحوذ لوحدها على ثلث الميزانية المخصصة من طرف الدولة المغربية لدعم تنظيم المهرجانات ، وإذا أضفنا إلى ذلك ما يزيد على الثلث أيضا من حجم هذا الدعم يخصص للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش ، فما يتبقى من فتات وهو أقل من الثلث يوزع على أكثر من خمسين تظاهرة ومهرجان تنظم غالبا في شروط صعبة بمختلف جهات المملكة .
تجدر الإشارة إلى أن الميزانية المخصصة لدعم تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية لم تتجاوز سنة 2017 مبلغ 30 مليون درهم ، وظلت ثابتة طيلة سنوات ، في حين يتزايد عدد المهرجانات والتظاهرات السينمائية باستمرار سنة بعد أخرى . كما ظل غلافها المالي يوزع بنفس الطريقة تقريبا : أكثر من مليار سنتيم يخصص لمهرجان مراكش وحده ، مليار سنتيم تستفيد منه مهرجانات المركز السينمائي المغربي الثلاثة مجتمعة : المهرجان الوطني للفيلم ومهرجان الفيلم القصير المتوسطي بطنجة و المهرجان الوطني للفيلم الوثائقي حول الثقافة والتاريخ والفضاء الصحراوي الحساني بالعيون ، أقل من مليار سنتيم تستفيد منه باقي المهرجانات والتظاهرات المنظمة طيلة السنة .
والملاحظ أن ما خصص من غلاف مالي إجمالي لدعم تنظيم 21 مهرجان وتظاهرة في الدورة الأولى للسنة الجارية (5860000 درهم) يقارب ما كان يخصص عادة للمهرجان الوطني للفيلم وحده (5575000 درهم سنة 2016 و5750000 درهم سنة 2017) . وهنا نتساءل مرة أخرى : هل سيتم احترام القانون المنظم لهذا الدعم وصرف مبالغه المحددة من طرف اللجنة المذكورة في حينها أي في شطرين بالنسبة للمهرجانات التي ستنظم قريبا ودفعة واحدة بالنسبة للمهرجانات التي تم تنظيمها قبل تشكيل واجتماعات لجنة 2018/2019 ؟ وبالمناسبة أيضا نعيد طرح بعض تساؤلاتنا السابقة من قبيل : ما مصير الدعم المخصص للدورة 17 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم ، التي لم تنظم سنة 2017 وتم تأجيلها إلى سنة 2018 ، ومبلغه 11000000 درهم ؟ وهل سيتم قريبا صرف الدعم للمهرجانات المستفيدة منه سنة 2017 لإخراجها من وضعيات جد حرجة لا تحسد عليها ؟
نتمنى أن تتلو هذه الخطوة الأولى ، التي خطتها إدارة المركز السينمائي المغربي ، خطوات أخرى في اتجاه تصحيح سياسة وآليات دعم تنظيم المهرجانات والتظاهرات السينمائية ، بغية الرفع من جودتها ومردوديتها مستقبلا وذلك خدمة للسينما وثقافتها ببلادنا .
أحمد سيجلماسي