تَستغِل كثير من الجهات الثقافة والمثقفين والإبداع والمبدعين لأغراضها البعيدة عن ماهو ثقافي وماهو إبداعي، بحيث يُصبح المبدع مجرد جسر للمرور عبره والركوب عليه.
مناسبة هذا الكلام ماوقع مع الشاعر محمد علي الرباوي الذي استدعته جمعية “ثقافية” لنشاط شعري حمل اسمه وكان من المفروض أن يشهد تكريمه فإذا به يتحول لمناسبة للاحتفاء بوزير يقوم بحملة إنتخابية قبل الأوان.
ولم يكن ما حدث مع الرباوي حادثا عرضيا أو عابرا ولا مجرد استثناء، بل إن مثل هذه التصرفات أصبحت هي السائدة، إذ لم تعد الثقافة ولا الفن سوى ذريعة لتحقيق أهداف أخرى قد تكون متناقضة تماما مع روح الثقافة وسموها. فكم من مهرجان ينظمه أناس بعيدون تماما عن الميدان الثقافي والفني وهدفهم من ورائه جني ربح مادي أو سياسي، ليظل المبدع المسكين مجرد ضحية تُعَلَّقُ صوره ويذكر اسمه كي تُلمع من خلاله وجوه اسودت من كثرة الكذب على الناس والركوب على مصالحهم.
السؤال المطروح بقوة هو مامدى مسؤولية المبدع والمثقف نفسه في تكريس هذا الوضع وعدم الثورة عليه أو إدانته علانية والتشهير بمن يقترفه حتى يكون عبرة لمن تُسَوِّل له نفسه تكرار ذلك أو السير على منواله، إذ أن الصمت المطبق على مثل هذه التصرفات يُعَدُّ تواطأ ويجعلها تتناسل كالفطر، بحيث يكاد أي نشاط يدَّعي كونه ثقافيا لايخلو من شائبة تشوبه.
وقد كان موقف الشاعر محمد علي الرباوي شجاعا كونه فضح محاولة الركوب على اسمه بتلك الطريقة الفَجَّة. وقد خصصنا في “طنجة الأدبية” “حوار العدد” لمحاورة الرباوي وأعطيناه الكلمة ليتكلم بإسهاب عن ما حصل ويعلق عليه، وذلك وعيا منا أن من بين أهم أدوار المنابر الثقافية هو المساهة في تنقية الساحة الثقافية من مثل هذه الممارسات.
طنجة الأدبية