** يجري الحديث بقوة – في الآونة الأخيرة – بمختلف الأوساط المغربية، عن احتمال تعرض بلدنا المغرب لبعض الأعمال التخريبية، جراء تقديم مسؤولين مغاربة يد المساعدة، بكيفية ملموسة ومؤثرة، إلى فرنسا وبلجيكا على خلفية الأحداث الأليمة والدامية التي عصفت بباريس مؤخرا.
والواقع أن العالم برمته أضحى اليوم مهددا بمثل هذه الأعمال التي هزت باريس وخلفت وراءها العديد من الضحايا الأبرياء، لأن منطق العنف والقتل والاعتداء – حسب كثير من المراقبين –بات بلا منازع هو المحرك الأساسي في تسوية الملفات السياسية والاقتصادية والعسكرية والحضارية عموما. لذلك تبدو بلادنا غير منعزلة عما يمور به المجتمع الدولي من تجاذبات واستقطابات وتداعيات سياسية متعددة.
لكن المؤكد، هو أن بلادنا أثبت مرة أخرى أنها رقم مهم في معادلة استثباب الأمن والاستقرار والسلم بمحيطها العربي والقاري والدولي. وأنها لا تذخر أي جهد في بناء منظومة التعايش بالعالم، انطلاقا مما تؤمن به من قيم تراثية عربية وإسلامية، وعملا برسالتها التاريخية الحضارية التي تميزها عن دول وأمم أخرى، وامتثالا لروح الجماعة الدولية وما تقتضيه من تعاون على البر والتقوى.
وعليه، فإن أي تهديد يوجه إلينا كأرض وكمواطنين، سيكون، ولا شك،عملا جبانا، وسلوكا عدوانيا من طينة بشرية غريبة لا تخاف الله، ومن خلاصة فكر منغلقيخاف عشقالحياة ويضيق بزينتها وجمالها وروعتها الربانية.
غير أن هذا التهديد لا يخيف أحدا من أبناء هذا الوطن، ولا ينال من عزيمتهم، ولن يمنعهم من الاستمرار في بناء بلدهم بكل معاني التضحية والوفاء والإخلاص.. بنفوسهم وأموالهم وحبهم وتمسكهم به أرضا وإنسانا.. لقد أثبت التاريخ مدى ارتباط المغاربة ببلدهم في السراء والضراء، كما أثبت أن هذا الارتباط لم يصب يوما بوهن،ولم يتداع قط تحت أي طائل مهما كان.
إن الحاجة إلى تنظيمات حزبية ديموقراطية قادرة على تأطير المواطنين وتربيتهم سياسيا وأخلاقيا، وإلى إعلام وطني تعددي منفتح، وإلى ثقافة تحترم العقل، وتعترف بحرية الإنسان في الاختيار العقدي والسياسي والفكري، مدخل أساسي لمواجهة كل الأفكار المنحرفة، والإيديولوجيات المتعصبة، وكل مشاريع الهدم والإفناء، كما أنها مدخل أولي لحماية البلد من أي عمل جبان غير مسؤول، أو من فتنة، لعن الله من أيقظها.
إن معركة الوطن مستمرة، في كل الظروف، لصد عدوان أي فكر إرهابي، أو ديكتاتوري، أو فاسد. لكن انتصارها رهين بمدى نجاح العامل الثقافي في صياغة رسالته الحضارية المشبعة بقيم التعايش والسلم والمحبة، عبر الخطاب السياسي الديموقراطي والمعتدل، ومن خلال وسائل الإعلام الحرة والمنفتحة والمتعددة رأيا وتعبيرا.
طنجة الأدبية