من اللافت للنظر عدم حضور الشأن الثقافي في برامج الأحزاب الانتخابية في المغرب خلال الحملات الانتخابية، أو بعد ذلك حين تسلمها مهمة تسيير الشأن المحلي أو الوطني، هذا إن كانت لديها برامج من الأصل.
إذ أن الحملات الانتخابية لهذه الأحزاب تتضمن كل شيء يمكن أن يخطُر على البال إلا الثقافة التي تظل الغائب الأكبر فيها. وكأننا بلسان حالها يقول أن عموم الشعب المغربي لاتعنيه الثقافة في شيء وليس لديه مايصنع بها.
يقول فيكتور هوغو: “حينما تضرب الأزمات مجتمعا ما، ليس هناك أهم من الثقافة للدفاع عنه وإخراجه منها”. لكن بعض الأحزاب المغربية والتي شاركت في الحكومة الحالية والحكومات التي قبلها لا تَتَّفق مع هذه المقولة، فهي تعلنها صراحة أن ما يعنيها هو الخبز فقط الذي يظل بالنسبة لها أهم -هو الذي تزيد في ثمنه كل يوم رغم ذلك-، أما الثقافة والفن فيمكن الاستغناء عنهما في أوقات الأزمة نهائيا.
ألا يدري هؤلاء أن شعبا بلا ثقافة لايمكن أن يُؤمَنَ جانبه، وأن أجيالا لم تتشبع في سنينها الأولى وأثناء مراحل دراستها بحب الثقافة والفن تظل معرضة باستمرار للاستقطاب من طرف التيارات المتطرفة، وأن أهم سلاح أثبت ناجعته لمواجهة التطرف الديني وغيره هو الاستثمار في الثقافة والفن. وأن أمَّة متعلمة ومثقفة كفيلة بالذهاب بعيدا في مجال الرُّقي والتنمية، في حين أنه لم يكتب لأمة لا تعير اهتماما للشأن الثقافي أن تتقدم وأن تنافس أبدا.
ماذا يُمكن أن يُنتظر من حكومة ميزانية وزارة الثقافة بها هي الأضعف من بين كل الوزارات الأخرى، غير تكريس الفراغ والجهل وتفريخ أجيال من الأميين وأعداء الجمال والثقافة والفن. أجيال لن تكون حتما سوى فريسة لأفكار التطرف، وجيوش احتياط تفتقد للفكر النقدي وللنظرة الواعية للأمور، تتحين الفرص للانقضاض في حال ساءت الأوضاع لاقدر الله…
ملحوظة من وحي تجربة ذاتية:
أن تكون مجلة أو أكثر تُعنَى بالشأن الثقافة بجهة ما، ولا تلقى دعما منذ نشأتها من المسؤولين عن الشأن المحلي فهذا دليل آخر على ما نذهب إليه من كون الثقافة تأتي في آخر اهتمامات هؤلاء الذين لا هم لهم سوى ملء جيوبهم في ظل خواء العقول التي تنتخبهم.
طنجة الأدبية