** دق الوزير محمد الأمين الصبيحي ناقوس الخطر بشأن الكتاب المغربي، وقال أن هناك أزمة تهدده، وقدم تشخيصا للأسباب والاختلالات، في حين عجز عن طرح الحلول الكفيلة بالخروج من الأزمة التي تحدث عنها بـ”مرارة وحزن”، بما يعيد لهذا الكتاب اعتباره، وهيبته الثقافية، ودوره الحضاري في التوعية والتثقيف والتربية.
والواقع أن وزير الثقافة لم يأت بجديد من خلال تصريحه الصحفي الذي أدلى به عشية انطلاق فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب الأخير بالدار البيضاء في دورته 19، لأن الأزمة ليست معلومة جديدة، والاعتراف بها ليس فضيلة، والتأكيد عليها ليس فتحا مبينا، والعجز عن طرح حلول عملية وقريبة المدى كان وسيبقى هو الحدث.
جميع من سبقوا الوزير الصبيحي في تدبير الشأن الثقافي المغربي، سارعوا مبتهجين – ولو في صورة المرارة والحزن – إلى القول بالأزمة، وجميعهم بعد هذا الاعتراف الخطير نكصوا عن البحث في الأسباب والحلول، وبددوا أموال الوزارة في أشكال من الاحتفالات الفلكلورية التي لم ترق لا بالفن، ولا بالكتاب، ولا بالسينما، ولا بالذوق الحسي والجمالي للمواطن المعربي.
ونحن هنا نتساءل، ماذا فعلت الوزارة الوصية من قبل الوزير سيناصر وإلى ما بعد الوزير بن حميش من أجل فك طلاسيم أزمة الكتاب المغربي؟ وأين هي بصمة وزارة الصبيحي في جسد هذا الرهان؟.
ما هي المؤسسات التي جندتها الوزارة المعنية لتطوير الكتاب المغربي؟ ورعايته؟ والترويج له؟ وتسويقه في ظروف ملائمة ومناسبة؟ وإيصاله للقارئ المواطن وتشجيعه بالتالي على اقتنائه؟.
أين هي مؤسسة الكتاب الشعبي التي يناط بها دور طبع الكتب، الأكثر مقروئية، وبيعها بأثمنة زهيدة؟ أين هي مؤسسة الترجمة التي تكلف بترجمة كتب المؤلفين المغاربة التي كتبت باللغات الأخرى؟ وترجمة تراث الإنسانية في الرواية والقصة والشعر والمسرح والفكر والتكنولوجيا وغيرها من مجالات العلم والمعرفة والثقافة؟ وأين هي مؤسسة تشجيع الإبداع الأدبي والفكري المغربيين وخاصة إبداع الشباب من النساء والرجال؟ وغيرها من المؤسسات الرسمية التي نجدها نشيطة ومبدعة في مصر وسوريا (قبل الأزمة) والكويت والسعودية والعراق (سابقا) وباقي الدول التي استوعبت أهمية الكتاب، ودوره الحضارة في بناء شخصة المواطن السوية والمستقيمة والمثقفة والواعية؟.
إن الوزير محمد الأمين الصبيحي يدرك جيدا قيمة الكتاب المغربي، ومدى تقديره على المستوى الوطني والعربي، وطبيعة الإقبال عليه في المعارض الدولية للنشر والكتاب داخل المغرب وخارجه، لذا فهو مطالب بالبحث عن كيفية الخروج به من أزمته التي نرى أنها مفتعلة، في ظل سياسة التبذير المالي وإسرافه الذي تلجأ إليها الحكومة كلما حل موسم الطبل والتزمير والرقص.. كما ندعوه إلى التفكير، بجدية ومسؤولية، في دعم دور النشر والتوزيع والصحافة، وتخصيص غلاف مالي لها، على غرار الدعم المقدم لكثير من الجهات دون أن تستحقه من جهة، ودون أن تحاسب فيما بعد وتسأل عن وجوه تصريفه من جهة ثانية.
إن الثقافة المغربية تتحرر انطلاقا من تحرير كتابها من إكراهات النشر والتوزيع.. ولا خير في أمة لا تحترم كتابها بالرعاية المالية والأدبية.
طنجة الأدبية