*** حمل عرض وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي حول مشروع ميزانية وزارته لسنة 2012 بمجلس النواب يوم 28 مارس الماضي عناوين عريضة لبرنامج طموح ومتقدم، من شأنه، في حالة ترجمته إلى إجراءات عملية، أن يعيد لثقافتنا المغربية إعتبارها الذي كاد أن يدفن تحت أنقاض الحروب الصغيرة والتافهة التي أشعل نارها السوداء، بضع وزراء سابقين في سياق بحثهم عن بريق لشهرتهم المصطنعة.
إن موقفنا الحازم إزاء وزراء سابقين (لم يميزوا بين الوزارة والحزب) لا يعني أننا سنصفق للوزير الجديد الصبيحي، أو أننا على استعداد لتسليمه شيكا على بياض، ليفعل ما يشاء، وأنى شاء، ولكننا بالمقابل لن نبخس حق الرجل، ولن نتأخر في تأييد منهج تدبيره لهذا القطاع الهام والإستراتيجي، خصوصا إذا مال إلى اعتماد آليات الحكامة الجيدة، واستحضر أخلاقية المرفق العمومي، وانتصر لتطلعات المثقفين المغاربة وفنانيه.
ونعتقد أن الوزير الجديد – وفق المعطيات الأولية والمؤشرات الوليدة – أبان عن نضج سياسي كبير في إعطاء معالم واضحة لمعالجة ملفات القطاع و قضاياه، إذ أكد في معرض تقديمه لميزانية الوزارة على أن هناك خمس محاور أساسية لبرنامجه، أولها نهج سياسة القرب في المجال الثقافي، وثانيا دعم و مواكبة الإبداع و المبدعين و العناية بأوضاعهم، وثالثا صيانة وحماية التراث الثقافي المادي والمعنوي، ورابعا تنشيط الدبلوماسية الثقافية و التعاون الدولي في المجال الثقافي، وخامسا إعتماد حكامة جيدة في تدبير قطاعه.
إنها محاور على قدر كبير من الأهمية، ستصحح ولا شك – في حالة تحقيق ولو جزء منها – كثيرا من أخطاء سلفه غير المأسوف عليه، وإن كنا من جانبنا نحث الوزير على ضرورة الإسراع في تفعيل المحور الثاني لأهميته وبعده الإنساني والأخلاقي والأدبي، ولكونه المحور الذي أسقط من أجندة جميع من سبقوه.. ثم إن هذا المحور قد يشكل محركا شديد الأثر على باقي المحاور الأخرى.. وفي هذا السياق لن نذيع سرا إذا قلنا أن مسؤولا / مبدعا من الوزارة بادر إلى الإتصال بمجلتنا – بعد أن إطلع على قرارها بالتوقف عن الصدور الورقي – ليعلن تضامنه مع المجلة، ويحثها على مواجهة التحديات بإرادة ثقافية قوية وطموحة، واعدا إياها بدعمها المادي والمعنوي والأخلاقي، وإذ نشيد بهذه التفاتة الجيدة، ونعتبرها حسن نية لا يمكن السكوت عن التنويه بها، فإننا نؤكد على ما يلي:
1 – إن طنجة الأدبية منبر مستقل عن أية جهة مالية أو حكومية أو جمعوية، وبالتالي فإن صفحاتها مفتوحة دائما وأبدا في وجه الجميع بغض النظر عن انتماءاتهم المختلفة، لكن شريطة احترام أخلاقيات المهنة، وخط المجلة التحريري.
2 – نشيد بالتفاتة الوزارة ونقدرها بشكل كبير، ونعدها بالحزم والصرامة والصدقية في الإنتصار لكل ثقافة مغربية شريفة ونزيهة ومبدعة وارتقائية، وفي مواجهة – بما يقتضيه الحال و الوضع – كل إجراء ثقافي عمومي لا يخدم ثقافتنا وإبداعنا وفاعلي الحقل الثقافي.
3 – إن أي دعم سنتلقاه من الجهات العمومية أو غيرها من الجهات الشرعية والقانونية، سيخضع في تصريفه لآليات الشفافية والحكامة الجيدة من مراقبة ومحاسبة.
4 – إن أي دعم سنتوصل به من الجهات المشار إليها أعلاه سيوجه مجلتنا الفتية إلى تحقيق حلمها في تصديرها إلى قرائنا بباقي البلدان العربية، خصوصا بعد أن أصبح تواصلنا مع قرائنا العرب مؤشرا كبيرا على نجاح المجلة وتوفيقها في حمل لواء نشر الثقافة المغربية المعطاءة.
5 – يتملكنا حلم كبير في بناء جسر تواصل بين ثقافتنا المغربية وثقافة إخواننا المشارقة، ونرى أن تحقيق هذا الحلم يبدأ بوصول عدد المجلة إلى جميع الأقطار العربية، اعتقادا منا أن هذا الوصول سيحول المجلة إلى نافذة للتعريف بالثقافة المغربية، ومدخلا لسبر أغوارها، والوقوف على مقوماتها، وسيكون ولا شك سببا لتطويرها والتأثر والتفاعل معها.
طنجة الأدبية