*** صادق البرلمان (مجلس النواب في نونبر المنصرم و مجلس المستشارين خلال دجنبر المنقضي أخيرا) على مشروع ميزانية وزارة الثقافة، بعد أن صفق النواب والمستشارون بحرارة على ما جاء به الوزير في عرضه التقديمي للميزانية، من أفكار واقتراحات ومشاريع كبرى.. نقول مشاريع كبرى – هكذا – كما وردت على لسان الروائي والمتفلسف بنسالم حميش الحامل لحقيبة الثقافة (…).
وإذا كنا نقبل الأعذار والمبررات التي دفعت بممثلي الأمة إلى التصويت بالإيجاب والموافقة على ميزانية الثقافة للعام الجاري، فلأن أغلبهم لا يعرفون القراءة والكتابة، أما الباقي ممن يعرفون الحديث والكتابة باللغات المختلفة، فإنهم لا يلتفتون إلى المجال الثقافي، ولا يعيرون له أي اهتمام أو مجرد التفات عابر.. بل لم يسبق لهم أن قرأوا كتابا واحدا، أو شاهدوا يوما ما مسرحية هزلية أو جادة، أو ولجوا قاعة للسينما لمشاهدة فيلم هزت أحداثه العالم بأسره.. هذا دون أن نتكلم عن مشاركتهم – ولو بالجلوس – في ندوات فكرية أو ثقافية أو علمية.. فهذا أمر يستحيل وقوعه، لأنه قد يشكل علامة جديدة من علامات الساعة.
لقد حملت ميزانية الثقافة للعام الجديد 2011 خطوطا عريضة حول تأهيل القطاع الثقافي من أجل الإنخراط في الجهود – المنطلقة منذ سنوات – الهادفة إلى توفير البنية التحتية المهيكلة للمشروع التنموي الوطني؟ ومنها ترميم وصيانة المآثر التاريخية المتضررة، ورد الاعتبار إليها، وتعزيز وترشيد الدعم الموجه لمجالات الكتاب والمسرح والموسيقى، وتعزيز دور الوزارة بالمناطق الجبلية والنائية، ودعم القراءة العمومية، والاهتمام بالوضع الاعتباري للمبدعين والمثقفين والفنانين والمساهمة في تغطيتهم الاجتماعية.. وغيرها من المفردات والعناوين الضخمة والبارزة والمثيرة.
والواقع أنه بالرغم من كون هذه المشاريع التطويرية للمجال الثقافي عادية وبديهية، فإن حكومتنا عاجزة عن تنفيذها، وهذا ما يدفعها إلى إدراجها بميزانية القطاع كل سنة مع تغييرات طفيفة، غالبا ما تكون لغوية لا غير.. ليبقى السؤال هو: متى تنتقل الوزارة بميزانياتها البسيطة والهزيلة جدا جدا جدا، إلى وضع مشاريع كبرى حقيقية، من شأنها أن تحدث رجة عميقة، وصدمة كهربائية حادة، في حياتنا الثقافية، وتكون النتائج بعدها خصبة على مستوى ترسيخ القراءة في واقعنا المدرسي والعمومي، وتوزيع الكتاب وتسويقه بأثمنة معقولة، ودعم المطبوعات الثقافية الجادة والهادفة، وعلى مستوى بناء القاعات السينمائية والمسارح، وعلى مستوى الإعلام الثقافي بإنشاء قنوات إذاعية وتلفزية وعنكبوتية بالأنترنيت وغيرها من مشاريع النهضة والرقي.
وعموما، فإن اعتمادات ميزانية الثقافة لسنة 2011 تبلغ ما يقدر ب 513 مليون درهما، وهو لا يحتاج منا إلى أي تعليق، وإن كنا ملزمين بالقول أن هذا المبلغ التافه، يساوي ثمن لعبة إلكترونية متطورة تصنعها أمريكا لتنمي بها أذهان أطفالها فنيا وثقافيا.
طنجة الأدبية