يوما بعد يوم، تترسخ “طنجة الأدبية” كمدرسة أدبية. فبعد دخولها للتجربة الالكترونية من بابها العريض يحق لنا في”طنجة الأدبية” أن نفتخر بكونها صارت مدرسة أدبية متميزة. ولم يكن لها أن تصير كذلك لولا الخط التحريري الذي تبنته والذي كان عنوانه: “النزاهة الأدبية”. فقد ارتأينا من زاوية هيئة التحرير أن نفتح الباب للجميع على قدم المساواة، سواء كانت أسماء معروفة أم مغمورة. واعتمدنا في النص المنشور، توقيعا لصاحبه، ولم نعتمد اسم الكاتب معيارا قبليا للنشر. وهذه كانت السياسة التحريرية، المتحررة من كل قيد، التي مكنتنا من بناء منبر حرّ، تتجاوب فيه النصوص الإبداعية المتميزة والدراسات الرصينة والقراءات الحصيفة. و قد وجدنا أنفسنا، بحكم هذا الالتزام الأدبي الذي تبنيناه، في وضع يسمح لنا بتقديم أسماء “منسية” على أسماء أخرى، كثيرا ما كرستها المنابر التقليدية كمراجع إبداعية أو نقدية. و كان اعتمادنا في ذلك، على أن الكاتب هو مبدئيا، نصا و محاولة إبداع، قبل أن يكون اسما. في بداية التجربة، كانت تصل “طنجة الأدبية” نصوصا متفاوتة القيمة والمستوى، وكنا نقوم بعمل كبير في تمييز ما نراه يصلح وما لا يصلح؛ لكننا مع مرور الوقت أصبح عدد المساهمات التي تضطر الهيئة إلى إقصائها نادرة بالرغم من أن عدد المشاركين أصبح أكبر بكثير. و نحن نوعز ذلك إلى أن المنبر نجح في إفهام خطه التحريري، فصار من لم يبلغ مستوى كاف، من الدقة و الصنعة و الدراسة الأدبية، لا يجرؤ على إرسال مشاركته دونما تمحيص وتدقيق. ربحت “طنجة الأدبية” الرهان، وربح الإعلام الثقافي الالكتروني مدرسة محترمة، لا يختلط فيها الحابل بالنابل. و ربح بالمناسبة منبرا لا يستسهل و لا يستصغر مسألة النشر الالكتروني، بل يقدر خطورة اتساعه و يبنى عمله على إحساس عظيم بهذه المسؤولية. ربحنا كتابا ومبدعين: وجدوا ضالتهم فينا، وجدوا في منبرنا، من يبحث عن الرصانة ويربأ بنفسه عن جوقة المجاملات التي لا تغني ولا تسمن من جوع. كسبنا كتابا جددا، ووجدنا مكانا وموقعا إلكترونيا معبرا لآراء الكبار والمحترفين ذوي الشهرة والصيت بحق. نقصد هؤلاء الذين كان يزعجهم، أن يجدوا نصوصهم وأعمالهم، مجاورة لنصوص، قد لا ترفع بالقلم و خطابه إلى المستوى المطلوب.
لنقلها بكل شفافية: “طنجة الأدبية” مدرسة للنزاهة و منبرا حرا لكل الأقلام العالمية. ننشر للأدباء الجديرين، دونما ميل لأي اعتبار حزبي أو دعائي أو قبلي أو وطني ،إلا ما بإمكانه المساس بمقدسات الناس وبثوابتهم.
النزاهة الأدبية قيمة، قد تزيد و قد تنقص في بحر الانتشار الالكتروني، وقد تبنينا مبدأ لا محيد عنه، به بنينا منبرا رصينا متينا، الشيء الذي فاجأ الكثير، ممن كانوا ينظرون إلى تجربتنا المستقلة بكثير من الريبة. و لقد انتظروا تعثرنا كيما ننخرط بدورنا في خضم هرطقة المنابر التي لا تقيم لقيم الصدق الأدبي وزنا، استجداء لدعم من هذه الجهة أو خطب ود تلك. النزاهة الأدبية قيمة حيادية، تتطلب كثيرا من الصمود والتضحية؛ والجريدة الثقافية لكل العرب لم تكن شعارا أجوفا بل حقيقة، إذ أن كتابنا يأتوننا و يفدون علينا من كل حدب وصوب، بلسان عربي فصيح و خطاب بليغ ومبين وشاعر..
ولذا نريد أن نقول لمن كان يتوخى أن نكل أو أن نمل أن انتظاره كان خيبة، لأن من تواصل معنا كان من معدن طينتنا و جوهر أصالتنا وأما الآن وقد أقلع موكبنا نحو آفاق جديدة فلا مجال للتراجع أو المساومة على نزاهتنا الأدبية.