** مرة أخرى يعود الحديث إلى موضوع اللغة العربية والحاجة إليها، ومدى قدرتها على مواجهة التحديات الحضارية في زمن العولمة. لكن هذا الحديث يعود اليوم ليس من باب مواجهة دعاة استعمال اللهجة العامية المغربية في التدريس والإدارة، ولكن من باب نواب الأمة وسلطتهم التشريعية. حيث نظمت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب في الأسبوع الثاني من شهر يناير 2018 يوما دراسيا حول مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، التأم خلاله عشرات من المهتمين والخبراء في العربية والأمازيغية وغيرها، للبحث في مستقبل الثقافة المغربية، وصون تراثها، وتنمية حضارتها.
غير أن النقاش تمحور بشكل كبير حول اللغة العربية، ومدى قابليتها للحياة، وقدرتها على المساهمة في تطوير بنية الدولة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.. أي أن النقاش عاد، بعد عقود من الزمن، لمحاكمة هذه اللغة، ومسؤوليتها عما نعيشه راهنا من تخلف وتقهقر وبطء تنموي؟؟؟.
فهل، فعلا، نعيش أزمة لغوية ترتبت عنها أزمات مجتمعية كثيرة؟
إننا نعتقد أن اللغة العربية لا تعيش أزمة في ذاتها، ولا تتحمل أية مسؤولية في عجزنا المستمر عن صياغة مشروعنا الوطني في التقدم والازدهار والنهضة. إن الحقيقة الثابتة؛ هي: أن الأزمة تكمن في أننا لم نحسن بعدُ التعامل مع هذه اللغة، باستنطاق قدراتها الجبارة، واستحضار خصائصها المتميزة المؤثرة، وتوظيف عبقريتها اللفظية والفنية والواقعية في البناء التنموي. ذلك أن اللغة، أية لغة، إذا أحسن شعبٌ ما التعامل معها بذكاء، وفطنة، وتعصب محمود، وروح حضارية مقاتلة، وتفكرٍ عميق، إلا وجعلها مُحركا أساسيا لنهضته، ووقودا حيّا لقاطرته التنموية، ولنا في اللغة الصينية خير مثال عن ذلك، بل وكذلك اللغات اليابانية والكورية والفارسية والتركية.
إن التعصب للغة القومية فِطرةٌ إنسانية لا يمكن استنكارها أو ازدراؤها أو إدانتها، لكن هذا التعصب ينبغي أن يكون إيجابيا بالعمل على تطوير هذه اللغة، وتجديد معجمها اللفظي، وفتح آفاقها بالاحتكاك والمثاقفة مع لغات أخرى أثبتت كفاءتها على مستوى التداول والانتشار، ثم تأهيل هذه اللغة للخوض بها في أتون الحياة المجتمعية المتعددة الوجوه.
والطريف أن اللغة العربية تواجه اليوم تعصبا فريدا ضدها، والأغرب من ذلك، أن الذين يعادُونها ويتربصون بها، أغلبهم لا يحسنون التحدث بها، ولا يدركون قوة خصائصها، ولا يفقهون دلالات كلماتها ومعانيها، ولا يتذوقون روائعها البلاغية والفنية والجمالية.
نعم نعتز بلغتنا العربية، ونؤكد على أنها أساسُ وجودنا الحضاري، وعنوانُ هويتنا، وعبقُ تاريخنا.. وفي نفس الآن؛ نقول: لا بد لنا من حسن التعامل معها، وتوفير كل الأسباب التي تُمَكِّن من النهوض بكافة وظائفها في حياة الناس والإدارة والاقتصاد والسياسة والاجتماع. لذلك فإن مستقبل هذه اللغة لا يقوم على عاتق اللغويين فحسب، وإنما لا بد من أن يدلي الجميع بدلوه في الارتقاء بها بنيةً وخطاباً ودلالةً وفضاءً ومجالاً ومجتمعاً.. أي أن على السياسيين والاقتصاديين ورجال القانون والأدباء والمؤرخين وآخرين؛ أن يجتهدوا في بناء معاجم عربية متقدمة تستجيب لحاجياتهم المهنية اليومية الواقعية، دون تسفيه للغة أو تمييع لخصائصها الذاتية، ودون الحط من كرامتها الحضارية والتاريخية.
وجاهل من يعتقد أن اللغات ثابتة، وأنه لا ينبغي لها أن تتصارع وتتنافس مع لغات أخرى، أو أنها لا تنمو ولا تتطور ولا يعتريها التغيير!؟ إنها كائن حي يتفاعل إيجابا وسلبا مع التطورات الحضارية للمجتمعات.. وكلما سنحت لها فرصة في الالتقاء بلغة حية أخرى، في سياق التنافس والتعايش، إلا ازدادت قوة ومناعة وثراء وعمقا.
وعموما، فإن تمكين اللغة العربية من تدبير حياة المغاربة وتوجيهها في هذا القطاع المجتمعي أو ذاك، قضيةٌ تتعلق بالإرادة السياسية من جهة، والتحرر من سلطة العداء التي لا يخفيها من يراهنون على انتصار لغة المستعمر الفرنسي من جهة ثانية.
طنجة الأدبية
اللغة التي أختارها الله من بين كل اللغات للتعبير عن وحي السماء لم تعجز و لن تعجز عن تسمية بعض المصطلحات العلمية ..اكبر مثقف عربي او عالم متخصص باللغة العربية نفسها ليس عنده ولا حتى ٣ بالمية من مفردات اللغة الفصحى ثم يأتي ويقول لك اللغة العربية عاجزة عن توليد المصطلح …ومن المضحك أن اكثر من يتهم العربية بالنقص هم من لا يعرفونها !!!
القصة كلها انها دعوات استعمارية انتشرت فينا وزعزعت ثقتنا في لغتنا فصرنا كما ترى عاجزون حتى عن الكلام بها