إنْ أنتَ أرَدتَ الإحاطةَ بحياة الدُّكتور جميل جبر، الرَّاحِلِ عنَّا في هُدوء العالِم، في الحادي والثَّلاثين من تمُّوز الماضي، ما استطَعت؛ أو أنتَ غامَرتَ لِتَقويم أدبه وما خلَّفَ من أعمال، ما تَمَكَّنت؛ إذْ أنَّى لأحدٍ أنْ يَسبرَ مَكنونات هذا الكبير؟
أتعودُ في التَّاريخ إلى عام 1924، وإلى بلدة بيت شباب بالذَّات، لِتَشهدَ مَولدَه، أم إلى مدينة ليون الفرنسيَّةَ لِتُتابعَ مَنحَه، وعن جدارةٍ، دكتوراه دولة في الآداب عامَ 1957؟
أتُراكَ تُدَقِّقُ في سجلِّ كتبه، بالعربيَّة والفرنسيَّة، وأبحاثِه في كِبارٍ من لبنانَ أمثال الرِّيحاني وجبران وأبي شبكة وأبي ماضي وفوزي المعلوف وميّ زيادة، ومن خارج لبنانَ أمثال الجاحظ والمنفلوطيّ وطاغور؟ أم تسألُ عن ترجماته، وقد تمكَّن من تَعريب "الجبل المُلهَم" لشارل قرم، و"طيران اللَّيل" لسان إكزوبري، وكَذا كتبًا عن كِبارٍ من مِثل بودلير وتيَّار دُه شاردان؟ أم تَهتمُّ بما تُرجِمَ له من أعمالٍ إلى أُمَّهات اللُّغات الأجنبيَّة، مِن مِثل الفرنسيَّة والإنكليزيَّة والألمانيَّة والإسبانيَّة والبرتغاليَّة؟
أَتُحاولُ تحديدَ إسهاماتِه في الصُّحف والمجلاَّت والإذاعات، وضبطَ أنشِطَته الثَّقافيَّة الأخرى، من تأسيس جمعيَّاتٍ ومجالِسَ وأندية؟ أم عن أوسمةٍ تُفَتِّش، والأوسمةُ أُمطِرَت عليه، ولاسيَّما من فرنسا وإيطاليا والولايات المتَّحدة ولبنان؟
ألا اعلَم، أيَا السَّائِلُ، أنَّه، حتَّى للطَّوابع البريديَّة، عندَ جميلٍ، حَيِّزٌ من الاهتمام، فعَمَّ تسأل؟
ألا تَعالَ، معي، نَنْحَني لِهامةٍ من لبنانَ رَحَلَت في صَمت العُظماء، بعدَ تجربةٍ عَيليَّةٍ أليمةٍ، في آخر العُمر، لا استَحَقَّها مَن رَحَل، ولا شريكةُ حياته الفنَّانةُ التَّشكيليَّةُ جاكلين، أطالَ اللهُ في عُمرها.
جميل جبر، لقد تشرَّفتُ شخصيًّا بتكريمك في "لقاء الأربعاء" بتاريخ الثَّامن عشر من آذار 2009 بدار نَعمان للثَّقافة، وأنتَ من رائحة الوالِد، مِتري نَعمان، ومِئويَّةُ مولده على الأبواب؛ فرجاءً بَلِّغْه حُبِّي.