الخاطر مُشرَّدٌ و مُلقىً على كَتِفِ أُفُقٍ تائه ، يكفيني هذا. لم يعد يهمُّني أيها الأفق أن أُبلغَكَ حالي كما كنتُ أفعل أيام تلهُّفي الجارف ، صافي ..يكفيني هذا.
انقضى ما كنتُ أريدكَ لأجله . اُنظرْ .. إنها ما تزال مشدودة إلى زمن عنيد تحيطه بهالة من الإكبار والقداسة،لا يعنيني فيها ما تراه فيه، إنها أعرف من الدجاجة ببيضها.قالت وهي تكاد تلتهمني من داخل دهشتها :
- أثمتَ أملٌ في نسيانك ؟
- الماضي جزء مني فكيف أنساني ؟
- عنيدة مثل ماضيك!
- لن أجادلك في شيء لا تدركينه !
- لا يهم أدركتُ أم لا ، ولكن ارحميني .. ألا تحاولين ..؟
ابتسمتْ في إشفاق شامت، قالت :
- لا أقوى على الاستطاعة فضلاً عن المحاولة .. ارحم نفسك
بنسياني.
قمتُ باسْتِلاَلِ نظري المتعَب من غمد الحيرة والبِعاد .. تنهّدتُ كَقُمقم أُفرج عنه من تحت غبار متاع قديم .. ما أشقى البُعد في ما هو قريب !
ألقيتُ المرآة التي كانت في يدي، أخذتُ جزءا مكسورا منها، فَلَاحَ صوتي ناعما منه في تلعثم تخنقه الدموع :
- آهٍ .. الغروب ينهشنا معاً وأنا وأنتِ في جدل ومراء بلا بداية ولا نهاية .. أوقفي هذا السفر ولا تؤوبي لمثله أبدا.