في خضم النقاش المحتدم الذي تعرفه الساحة الإعلامية المغربية حول دفاتر تحملات وزير الإتصال المغربي والتي اعتبرها البعض رجوعا بالحريات الفردية وحريات الإبداع إلى الوراء وإجهازا على مكاسب الفنانين والمبدعين في هذا الميدان، فيما اعتبرها آخرون مكاسب و خطوة في درب إصلاح الإعلام السمعي البصري العمومي بالمغرب، توصلت "طنجة الأدبية" ببلاغ "للمركز المغربي للثقافة والفنون العريقة" يثمن فيه خطوة الوزير، وهذا نص البلاغ :
تلقى المركز المغربي للثقافة والفنون العريقة، بارتياح كبير، صدور دفاتر التحملات الخاصة بقنوات القطب العمومي والمصادقة عليها من لدن الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وذلك لما حملته من مقتضيات متقدمة، من شأنها إعادة الاعتبار للثقافة والفكر والتراث المغربي واللغتين العربية والأمازيغية وباقي التعبيرات اللسنية الوطنية، وفق رؤية مرنة ومنفتحة على مختلف الأشكال اللغوية والثقافية والجمالية والتعبيرية العالمية.
وهكذا، فإن المركز يثمن عاليا مضامين دفاتر التحملات الجديدة، وخصوصا تلك المتعلقة بالقناة الثانية، والتي أعادت لمفهوم الخدمة العمومية أبعاده الحقيقية، بالتنصيص على مبادئ القرب والجهوية والنقاش العمومي. كما أن المركز يعتبر المقتضيات الرامية إلى إيجاد آليات جديدة للحكامة الجيدة من شأنها المساهمة في صناعة منتوج تلفزيوني راق وتنافسي يستجيب لتطلعات الجمهور المغربي. وإذ يحيي المركز استجابة وزارة الاتصال لاقتراح العديد من هيئات المجتمع المدني القاضي بإخضاع صفقات إنتاج البرامج من لدن الشركات المختصة لمبدأ طلب العروض، يدعو إلى القيام بافتحاص دقيق في صفقات الإنتاج الخارجي التي تمت في القناتين الأولى والثانية، خلال السنوات الأخيرة.
وفي المقابل، يستنكر الحملة المغلوطة التي تشنها بعض الأطراف، بدعوى عدم إشراكها في صياغة الدفاتر المذكورة. وهنا، يؤكد المركز أن مبدأ التشاور والتشارك الإيجابي ـ كما أثبتت ذلك مختلف التجارب الوطنية والدولية ـ يتم بالأساس عبر المبادرة الخلاقة التي تقضي بأن يبادر الطرف المهتم بموضوع ما بتقديم اقتراحاته إلى الجهة المعنية. وهو الشيء الذي قامت به العديد من الهيئات النقابية والمهنية والجمعوية والثقافية والفنية، ومن ضمنها المركز المغربي للثقافة والفنون العريقة.
إن المركز إذ يحيي المواقف الموضوعية والجادة التي أبان عنها العديد من العاملين في قنوات القطب العمومي، وخاصة المنضوين تحت لواء اتحاد نقابات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ونقابة مستخدمي القناة الثانية وأعضاء من تنسيقية النقابة الوطنية للصحافة المغربية في "دوزيم"، فإنه في الوقت ذاته يستغرب السلوك السلبي الذي بدر من طرف بعض الجهات المحدودة جدا، التي "عسكرت" في أبراجها العاجية، إلى حين صدور الدفاتر، فانبرت تهاجمها من غير بيّنة وبدون وجه حق. ويعتبر المركز هذا السلوك تملصاً من المسؤولية ومن الانخراط الإيجابي في اللحظة الإصلاحية الدقيقة التي يجتازها المغرب، والتي يشكّل إصلاح الإعلام السمعي البصري أحد وجوهها البارزة.
إن المركز المغربي للثقافة والفنون العريقة، بعد قيامه بدراسة متأنية وعميقة لمضامين دفاتر التحملات الجديدة، وإسهاماً منه في دعم مسار إصلاح قطاع الإعلام العمومي؛ يدعو إلى تشكيل تكتل وطني، يضم هيئات مهنية وجمعوية ونقابية وثقافية وفنية وحقوقية وغيرها، من أجل المساهمة في متابعة مدى التزام المؤسسات الإعلامية المعنية بمقتضيات الدفاتر المذكورة، وفي الآن ذاته، من أجل التصدي لجيوب مقاومة الإصلاح التي كشفت في الآونة الأخيرة عن أقنعتها، واصطفت بجانب من نفّروا المواطن المغربي من إعلامه العمومي، وحاولوا الإساءة إلى ذوقه وقيمه وذاكرته وتشويه مفهوم الانفتاح الإيجابي على ثقافات الغير...