صدر العدد الجديد، الخامس والأربعون {45 يناير/ كانون الثاني2011} من مجلة الكلمة الالكترونية الشهرية التي يرأس تحريرها الدكتور صبري حافظ. وبهذا العدد الممتاز، تستقبل ا(الكلمة) عامها الخامس. وهو عدد ممتاز بحق ففيه أكثر من خمسة كتب كاملة: رواية، ومجموعة قصصية، وديوان شعر، وأول كتاب كامل عن المفكر الراحل نصر حامد أبوزيد، وملف شامل عن الراحل المغربي الكبير إدمون عمران المليح، فضلا عن بقية الكتاب الذي بدأت الكلمة نشره في العدد الماضي عن الرحلة، وهو دراسة مقارنة في الفروق البنيوية بين الرحلة الغربية والرحلة الشرقية.
وهو عدد ممتاز أيضا من حيث إحاطته بحاضر الثقافة العربية من عُمان على بحر العرب التي يجئ منها أول دراسة كاملة لمسيرة نصر حامد أبوزيد إلى المغرب العربي الذي تحتفي الكلمة بآخر راحليه الكبار في هذا العام الكابوسي الذي فقدت فيه الثقافة العربية عدد كبيرا من أبرز أعلامها، ومن المشرق العربي الذي تجيء منه المجموعة القصصية إلى الجنوب العربي في السودان الذي جاء منه كتاب الباحثة السودانية الكبيرة عن الرحلة المقارنة. مرورا بمصر التي يجيء منها الديوان الشعري وتونس التي تنشر الكلمة آخر روايات أحد أبرز كتابها ونقادها مصطفى الكيلاني. كما يضم العدد الجديد بالإضافة إلى هذه الكتب الخمسة كل أبواب (الكلمة) المعهودة من دراسات وشعر وقص وعلامات ونقد ومراجعات كتب ومواجهات ورسائل وتقارير وأنشطة ثقافية، وقد ضم كل منها عددا أكبر من النصوص مما اعتادت الكلمة تقديمه في كل عدد.
يصدر العدد الممتاز الجديد من الكلمة متصدرا بافتتاحية رئيس تحريرها الدكتور صبري حافظ، يعود من خلالها الى التأكيد على رهانات المجلة، كما يعود بتفصيل الى القصة الكاملة لمرحلة محنتها وما أفرزته من التفاف قراءها على مشروعها العقلاني التنويري. مبرزا خطها التحريري الذي اختارته منذ البداية ودفعت ضريبته، منتهيا عند التحديات التي تنتظر "الكلمة" في الفضاء الرقمي. إذن، تستقبل {الكلمة} عاما خامسا جديدا من عمرها الغض بقوة مترعة بالأمل في مستقبل أفضل، وأفق جديد.
تقدم الكلمة في عددها الخامس والأربعون ملفا شاملا عن الكاتب المغربي الراحل، إدمون عمران المليح: الكاتب الإسثتنائي. الملف الذي أعده محرر الكلمة عبدالحق ميفراني، عن رحيل الكاتب الذي هاجم توظيف «الهولوكوست» لأهداف سياسية، وناهض الحركة الصهيونية. وهو أيضا استعادة لكاتب استثنائي. رسخ خصوصيته من خلال كتاباته أولا، ومن خلال مواقفه وآراءه التي عبرت بعمق عن أصالة مثقف. إدمون عمران المليح (وتكتب أحيانا المالح)، أو "الحاج" الكاتب المغربي/ الفلسطيني والذي وصفته "الإندبندنت" البريطانية بأنه «جيمس جويس المغرب»، ذو الأصول اليهودية والذي هاجم وندد بالحركة الصهيونية. هو أحد أبرز المدافعين عن القضية الفلسطينية. أثرى بكتاباته الثقافة المغربية كما ناضل مع رفاقه في ترسيخ التزامه السياسي مدافعا عن القضايا العادلة.
في باب دراسات تواصل الباحثة السودانية خديجة صفوت في القسم الثاني من دراستها حول "الرحالات الأوربيات الغربيات والشرق الأوسط" دراسة الاقتصاد السياسي للرحلة الغربية وتفكيك مضمراتها، وربط جانبها النسوي بالمغامرة الاستعمارية من ناحية، وبمفاهيم النسوية الغربية المقلوبة التي كشفت عنها في دراسة سابقة لها بـ(الكلمة) من ناحية أخرى. أما الكاتبة السورية مزن أتاسي فتقدم في "جدلية الزمان والمكان في شعر محمود درويش" قراءة متقصية لمجموعة من نصوص محمود درويش المفتاحية تكشف من خلالها عن أهمية جدلية الزمان والمكان في أي قراءة تسعى للكشف عن طبقات المعنى المتراكبة في أعمال هذا الشاعر الذي رد للشعر كرامته. أما الباحث الفلسطيني نبيه القاسم فيقارب في "أصل وفصل" قراءة نقدية لأحدث أعمال الكاتبة الفلسطينية المرموقة سحر خليفة، تبارح فيها منطق تعاملها المألوف مع الواقع الساخن ومواكبتها لنضالات شعبها. والى جانب كتاب الباحث العماني عبدالله آل توية «نصر حامد أبو زيد: الإنسان والعالِم»، الكتاب الذي يتتبع فيه مسيرته الحياتية والعلمية، ويعرض في سلاسة ووضوح باهرين أكثر أفكاره تعقيدا وكثافة، كاشفا عن إضافاته الفكرية والمنهجية، وعن مشروعه العلمي الكبير، فضلا عن الجوانب الإنسانية الحميمة في شخصيته فنشعر مع الكتاب حقا بفداحة الفقد وحرارة الوداع. يكشف الباحث المصري ممدوح فراج النابي في «غوايات المعرفة والاكتشاف والحرمان» عن آليات تخليق المعنى وغوايات المعرفة وأوجاع الحرمان والجوع في رواية الكاتب الكبير محمد البساطي، بينما يتقصى الكاتب الفلسطيني محمد الأسعد في "عربوش في ركاب "السيدة من تل أب" عن آليات ما دعاه فرانز فانون «جلد أسود وأقنعة بيضاء» وهي تتسلل إلى العقل الفلسطيني وتحيل صاحب الأرض والحق والموقف الأخلاقي الأعلى إلى «عربوش» تافه يتمثل صورة العربي في كتابة الصهاينة له من أمثال عوز وكينان، ويستبطنها وهو يروي حكايته/ حكايتهم. وينهي الباحث العراقي وليد محمود خالص في "صورة العرب في الأدب الفارسي"، باب دراسات، كاشفا عن جانب من المسكوت عنه في الدراسات العربية عن الآخر الفارسي، وكيف يرى الفرس جارهم العربي.
في باب شعر، تقترح "الكلمة" ديوان شعري جديد موسوم بـ«أكتب لأحييك» للشاعر المصري محمد سليمان، وهو ديوان أحد أبرز شعراء السبعينيات في مصر، أحد الذين سكنتهم أسئلة الوجود والهوية. ديوان تتمثل فيه فكرة الصدام مع العالم، في مفهوم للعلاقة بالآخر ينطلق من أسئلة الذات في قصيدة تؤسس «نغميتها» الخاصة، بروح تعيد الشعر الى قلقه المعرفي، لتحيي ما تبقى من الشعر فينا. كما يحتفي باب شعر بقصائد الشعراء: غالية خوجة، قيس مجيد المولى، فتح الله بوعزة، نمر سعدي، موسى حوامدة، الكيلاني عون، محمد فاهي.
أما باب السرد فاحتفى بنص الروائي التونسي مصطفى كيلاني «كازينو "فج الريح"»، إذ يشكل الروائي التونسي من نصه والحي الذي يقع فيه استعارة تكشف عن ظواهر سياسية واجتماعية شائعة مازالت مجتمعاتنا العربية تعاني منها. كما ضم العدد الجديد من الكلمة، مجموعة قصصية بعنوان "استغراق" للقاص الأردني مثنى حامد حيث يستغرق السارد لديه في القصة التي يرويها أو المشهد الذي يشغله بحيث تنتفي الحواجز بين الشخصية وما تعيشه، بين الوقائع والمتوهم. ويحتفي باب سرد بنصوص المبدعين: محاسن الحمصي، محمد ذهني، عبدالواحد الزفري، ميسون أسدي، محمد عباس علي، إيمان أكرم البياتي.
في باب النقد، نقرأ للناقد مصطفى القلعي «الحب والدين» حيث يجادل الباحث حول شعر الغزل العربي، يتناول التغيرات المدينيّة والثقافيّة والمعتقديّة التي تبرر تحولات هذا الشعر من عنصر صغير كامن في القصيدة القديمة إلى غرض مستقل ومعلن. الباحث عبدالغني حسني يعود لـ«مفهوم الحداثة» متناولا خصائصها وتجلياتها ومؤثراتها الغربية في الحداثة العربية في مجالات اللغة والفكر والنص والفن والدين. الباحث عبدالإلاه محرر يتناول في «التنمية الثقافية بين الفعل الثقافي وأنسنته» تعريفات الثقافة، ويجادل في مفاهيمها كحقائق جامدة أو كحراك يعكس سياقها التاريخي، ويؤكد على أن الثقافة ليست فعلاً نخبوياً. كما ويشير إلى خصوصية ثقافة الشعوب، وضرورة أنسنتها من خلال تواشج المعنى المنتج مع رقي الذائقة والقيم. أما الناقد السعودي عبدالله بن أحمد الفيفي فيربط في مقالته حول «لغة العين وصناعة الإعلام الترفيهي» بين ثقافة الاستهلاك ومؤثرات الإعلام والدعاية والوسائل السمعية-البصرية في تكريس القيم السطحية، وأخلاق الوجبات الفنية السريعة، ودفع الصراع بين اللغة الفصحى وبين اللهجات المحكية نحو منحى وجودي يغض الطرف عن الجدليّة. ويقارب الناقد فراس حج محمد «واقع المرأة في مجتمع ما قبل الإسلام» مفككا الخطاب الديني، الذي يرى في جاهلية ما قبل الإسلام جاهلية تلغي مكانة المرأة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية. ويتكئ في وجهة نظره على الشعر والنص المقدس الذي يقدم دلالات على وضع المرأة في واقع تلك المرحلة. وتستقرئ الناقد الجزائرية يمينة حمداني «الرواية الجزائرية بين الماضي والحاضر»، مشددة على تفاعل الرواية الجزائرية مع جدل التاريخ منذ تسجيلها الجمالي للصراع مع الاستعمار لدى المؤسسين في الخمسينيات، كما تتناول مؤثرات الخطاب السياسي في فنية سرد السبعينات، وتستبين العودة الحالية إلى المشهدية الدموية بفعل استفحال الإرهاب. الناقد والمترجم المغربي سعيد بوخليط يقدم "ميشيل فوكو أو "الجنس" بمعنى آخر" حيث يلتفت لطباق كل من سوء الفهم والتقييم الإيجابي، الذي لاقاه مشروع فوكو مابعد الحداثي، والكيفية التي عوملت بها حفريات المعرفة، وسيادة السلطة ودراسات تاريخ الجنسانية التي عمل عليها. وينهي الناقد مأمون شحادة باب النقد، بمحاولة للإجابة على سؤال "هل قراءتنا للتاريخ العربي عربية؟" حوار يميز الناقد بين الخطاب الذي يتحكم في دراسات التاريخ في الغرب وبين علميّة البحث التاريخي. فيرفض مركزية الغرب كمعيار متعال، ويدعو لقراءة عربية توضح معنى التاريخ العربي معرفياً.
في باب علامات، تقدم محررة الكلمة أثير محمد علي، مادتين من الصحافة العربية: الأولى منشورة سنة 1928 في "العصور" وتناول خطة إصدار مجلة "الرابطة الشرقية". أما المادة الثانية فمأخوذة من "مجلة الجديد" سنة 1929، ومحبرة بقلم علي عبد الرازق يرد فيها على نقد الشيخ رشيد رضا السلفي.
يفتتح الناقد والمبدع المغربي أحمد المديني باب كتب، ب"كيف تبنى رواية على الأنقاض" مبحرا في رواية الكاتب محمد الأشعري (القوس والفراشة) وهي الرواية التي حظيت بحفاوة نقدية بالغة، نص يتماهى مع تمجيد الحياة بين سيرورة السرد ورؤيوية الاستعارة وتشييد شيء من الفقدان. ويكتب الناقد والكاتب ابراهيم درويش «قصة منظمة التحرير الفلسطينية» وهي قصة مثيرة، صدرت حديثا في كتاب أعده بنويت فوكون، وكتابه بعنوانه الموحي «الضفاويون» هو قراءة في تاريخ نشوء النضال الفلسطيني ومن بعد مالي. يلاحق الكاتب قصة مال الثورة من بداية الكفاح الفلسطيني، وصعود عرفات لساحة الكفاح الى راهن المنظمة اليوم. ويواصل الناقد المصري محمد سمير عبدالسلام قراءاته في المتن الروائي المصري، وهذه المرة رصد لأحدث روايات بهاء طاهر من خلال مفاتيح أساسية تتمثل في التحول في بنية الإشارات الثقافية، الهوية الجمالية للمكان وتجاوز حدود الزمن، الإشارات المجازية للواقع، انتهاء بالوظيفة التأويلية للسارد. ويتوقف الشاعر والناقد المغربي عبداللطيف الوراري في "عبدالله العروي والقطيعة الماضي" عند أحد إصدارات المفكر العربي الكبير عبدالله العروي. حيث يتناول مقولة الإصلاح، كموضوع إشكالي داخل ثقافتنا العربية، وفق استراتيجية جديدة ومنظور تاريخاني يتقصى المفكر العربي عددا من القضايا المعرفيّة المتداخلة والخلافيّة بطابعها الإشكالي، التي شغلت كلّ تاريخ الفكر العربي الإسلامي منذ بدء الدّعوة وحتى الآن. أما الناقد والكاتب عبدالرحيم مؤذن فيطلق أولى حلقات قراءاته في المتن القصصي الجديد في المغرب، من خلال نصوص قصصية صدرت حديثا. أما الناقد الأدبي محمد معتصم فيقربنا من عوالم رواية "تحت ضوء الليل" أحدث رواية الكاتب محمد غرناط، حيث يستقصي المكونات الأساسية للنص الروائي، من انسجامه وترابط وحداته وتسلسل متوالياته السردية. ويكتب الكاتب فايز أبو شمالة عن "أنت يهودية، فرحك حزني!" عن قصائد عبرية متمسكة بالعقدة الصهيونية الأبدية. ومن خلال المقال نكتشف شعر يهودية تحول نصها الشعري الى استيهامات عنصرية لا يستطيع معها الكاتب الفلسطيني إلا أن يكون حزينا لفرحها. وينهي الكاتب المصري محمد كشيك ب"قصائد متفجرة تخلق استثناءها الخاص" باب كتب، بالعودة الى تجربة الشاعر المصري شريف الشافعي في "الأعمال الكاملة لإنسان آلي" مقدما جزءا من سمات هذه الأضمومة الشعرية وكيميائها الخاصة، مع تحليل لمعطياتها الفنية والجمالية، والأفق الذي تفتحه
بالإضافة إلى ذلك تقدم المجلة رسائل وتقارير و"أنشطة ثقافية"، تغطيان راهن الوضع الثقافي في الوطن العربي. لقراءة هذه المواد اذهب إلى موقع الكلمة في الانترنت: مع ملاحظة أن الرابط الجديد هو:
http://www.alkalimah.net