بعد صراع مرير مع المرض، رحل الروائي والصحفي الأمريكي نورمان ميلر عن عمر يناهز الرابعة والثمانين، صباح يوم السبت 10 نونبر، 2007، بمصحة جبل سيناء بمدينة نيويورك.
ولد نورمان ميلر عام 1923 بنيوجيرسي، من أب ولد بجنوب أفريقيا واشتغل بها محاسبا، وأم كانت تسهر على تدبير وكالة للأشغال المنزلية والصحية. غادرت عائلة ميلر جنوب أفريقيا لتستقر ببروكلين بمدينة نيويورك، منطقة اعتبرها نورمان ميلر "أفضل بيئة يهودية آمنة في أمريكا". وقد خلف الراحل حوالي أربعين مؤلفا، توزعت أجناسها بين القصة القصيرة والرواية والمسرح...، وعددا وافرا من المقالات الصحافية، استطاع من خلالها أن يحظى بمكانة عالية ومتميزة في المشهد الأدبي والإعلامي على المستويين الأمريكي والعالمي. وبصدور روايته الأولى "العراة والموتى" سنة 1948، نجح نورمان ميلر- وعمره 25 سنة آنذاك- في فرض سيطرته الإبداعية المتميزة والانضمام إلى صفوة الروائيين والصحفيين العالميين.
"العراة والموتى" رواية واقعية تقدم تصويرا دقيقا لجوانب كثيرة من تجربة ميلر الذاتية في المحيط الهادي خلال الحرب العالمية الثانية. وتسجل قصته القصيرة "جيوش الليل" تعبيرا بليغا عن احتجاج الأمريكيين عام 1967 على إعلان الولايات المتحدة الحرب ضد الفيتنام. وقد اشتهر الراحل بمواقفه المعارضة للحرب الأمريكية على الفيتنام والعراق، وكذا بانتقاداته المتواصلة واللاذعة لسياسة جورج بوش وحملاته السياسية والعسكرية في كثير من بلدان العالم بدعوى نشر الديمقراطية ورعاية السلام.
فاز الراحل ميلر مرتين بجائزة البوليتزير Pulitzer Prize الشهيرة. وكان معروفا بمواقفه المِؤيدة للفكر الماركسي، وساهم في تاسيس منظمة خاصة بمراقبة وكالة الاستخبارات الأمريكية. بيد أن كيفية تعامله مع المرأة في كتاباته أثارت غضب واحتجاج الحركة النسائية بالولايات المتحدة، علما أنه سبق للكاتب أن تناول بإسهاب شخصية الممثلة الراحلة مارلين مونرو. كما ضمن ميلر في كتاباته جزءا كبيرا من تجاربه الشخصية المرتبطة بالمرأة، خصوصا وأنه تزوج ست مرات، وأنجب تسعة أولاد، وعانى كثيرا من جلسات المحاكم المتعلقة بقضايا الطلاق، وسبق وأن وجه طعنات قاتلة لزوجته الثانية وهما في حالة سكر خلال سهرة.