ضمن سلسلة "المجال" بالرباط، صدر لمحمد اشويكة كتاب جديد تحت عنوان "مناقير داروين" وذلك في إطار اشتغال المُؤَلِّف على أسئلة الكتابة القصصية وإشكالاتها التي ما فتئت تفرض ذاتها بشكل مزدوج: "تطور/نكوص"، "تجريب/تخريب"، "تجديد/استنساخ".. جدلٌ وسجالٌ يبدأ منذ الصفحة الأولى للكتاب ليمتد عبر فصوله الثلاثة (القصة والارتياب – القصة والتطور – مديح القصة) ويبقى مفتوحا من خلال "ما يشبه المدخل/المخرج" الذي ذَيَّلَ به المُؤَلِّفُ كتابه.
يقع الكتاب الذي توشيه لوحة تشكيلية تجريدية للفنان المغربي محمد نجاحي في 178 صفحة من الحجم الكبير. من أجواء المُؤَلَّفِ الفلسفية نقتطف جزءا مما ورد على ظهره: "الكتابة اللامنتهية تمديد للحياة.. حَنَقٌ على الوجود المنفلت.. الذي يكتب الكمال، انتهى ومات! الكتابة بهذا المعنى حياة. إن النص الذي لا يترك صَاحِبُهُ للقارئ، ولنفسه أيضا، فرصة التأمل نَصٌّ لا يعيش طويلا: النص الإبداعي هو الذي يترك في نفسية مبدعه غصة، ندما.. كي يكتب أحسن، كي تمتد غصته وندمه وحنقه.. الكتابة تمديد للحنق واحتفاء بالندم وإطراء للغصة ومديح لها.
ونحن نقرأ شذرات الحكماء ونتأمل أقوالهم الشهيرة.. نستطيع البرهنة على ذلك الامتداد اللامتناهي لمغامراتهم اللامكتملة، لقد تركوا لنا فرصا حقيقية لِمَدِّ أواصر الكتابة وجسورها.. فَاتِحِينَ لنا أفقا طويلا لامتداد الندم.
ليس الندم هنا هو تدارك ما فات أو توبة، بل هو فرصة متاحة لإيقاظ حس الندم قصد تطوير ما فات.
الكتابة ندم على ما لم يكتب.. ندم على المنفلت.. الضائع.. المهدور.. وإن امتلأت الحياة بها لا يستحق الندم!".