الفضاء: رياض الصياد.. نزل تاريخي يطل على بياض البحر وألوان الجغرافيا المستنبتة في لاوعي تغمره نسائم الفرح القديم.
الحدث: تكريم الشاعرة المغربية الدكتورة ثريا ماجدولين كمصافحة رمزية بفضل ما اجترحته من ألق شعري طيلة ثلاثة عقود.
الزمان: الجمعة 28/ 05/ 2010 ..مساحة زمنية أثثها الإبداع الجميل انطلقت من الساعة السابعة والنصف مساء إلى الحادية عشر ليلا.
(مساء الشعر، نلتقي اليوم، في أكفنا أوتاد وحبال منسوجة من حرير الكلام.. نلتقي لنبني خيمة عكاظ صغيرة، نبنيها بالأنفاس والأبجدية وامتشاق صهيل الحلم.
جمعية آسيف لحماية التراث الثقافي والمعماري بآسفي تأبى إلا أن تطلق عصافير الشعر عاليا شمال الهواء جنوب الروح، والمناسبة هي التفاتة بطعم القرنفل ومذاق الصباحات، التفاتة محبة وتقدير إلى شاعرة طالما حفرت صوتها الأنثوي في المشهد الشعري المغربي حفرا عميقا.. إنها الشاعرة المتألقة ثريا ماجدولين..)
هكذا افتتح الشاعر مصطفى ملح اللقاء التكريمي الذي نظمته جمعية آسيف للشاعرة ثريا ماجدولين. وللذكر فالشاعرة عضو اتحاد كتاب المغرب منذ سنة 1983م / عضو مؤسس لجمعية النساء المبدعات لبلدان البحر الأبيض المتوسط / أمينة عامة للجنة الوطنية المغربية لليونيسكو منذ فبراير 2010م / وهي حاصلة على شهادة الدكتوراه في علم الجمال في موضوع (النموذج الجمالي في الشعر المغربي المعاصر)
صدر للشاعرة:
- أوراق الرماد، شعر، منشورات اتحاد كتاب المغرب، الرباط، 1993م.
- المتعبون، شعر، دار الجسور، وجدة، 2000م.
- سماء تشبهني قليلا، شعر، 2005م. وقد صدرت ترجمته بالإسبانية عن دار قادس بإسبانيا سنة 2008م.
- أي ذاكرة تكفيك، شعر، 2008م.
وللشاعرة تحت الطبع:
- إغواء الجميل، كتاب نقدي عن الشعر المغربي.
- بلاغة القول الشعري، دراسة لأشعار محمد الميموني.
ثم تناول الفنان الأستاذ عبد الحي مشتي رئيس الجمعية لتحية الحضور والتعبير عن المقصدية النبيلة التي تكمن وراء التكريم على اعتبار أنه أقل ما يمكن أن تقوم به الجمعية لفائدة الرموز الأدبية في هذا الوطن متمنيا مواصلة العمل رغم الإكراهات دون نسيان الإشارة إلى دعم وزارة الثقافة الذي يحفزالجمعية لمواصلة النضال الثقافي في حاضرة عبدة .
لا زلنا نستظل بظلال شاعرتنا ثريا ونسائم شعرها تهب على جغرافيا الروح.. فلولا الشعر لكان طعم الحياة أمر من الزقوم..تقول الشاعرة:
(قد ينقذ الشعر
ما تبقى من الأوكسجين
في رئة الأرض
ويؤجل موت المحبين
بضع دقائق
هكذا قال
وانثنى نحو النهر)
بعد ذلك تناول فن الكلام الشاعر والناقد الدكتور محمد بودويك، في ملامسة نقدية عميقة تصافح بمكر لافت وتوغل باذخ في مسام المنجز الشعري للشاعرة، ومحمد بودويك ذو عمر شعري يغطي كل مراحل القصيدة المغربية.. كما يقول صديقه الشاعر عبد السلام المساوي، ويضيف: إن مشروعه الشعري هو انفتاح على كل الاهتزازات الاجتماعية والسياسية والأدبية التي عرفها المغرب.
صدر للشاعر والناقد محمد بودويك كثيرا من الكتب يتقاطعها الشعري بلغته الرمزية الخارقة والنقد بأدواته الأكاديمية وإيوالياته التفكيكية.. منها، جراح دلمون، شعر، 1997م. يتبعني صفير القصب، شعر، 2003م. شعر عز الدين المناصرة: بنياته وإبدالاته ورعويته، 2006م. قرابين، شعر، 2007م. مركبة السنجاب، شعر، 2008م.
وقد خلق الناقد محمد بودويك نوعا من الألفة البهية بين شعر ثريا ماجدولين والحضور عبر تأمله في أبرز التيمات المؤسسة للاوعي الشاعرة تلك التيمات التي ترسمها على بياض الورق محملة بالحنين و القلق الوجودي ومساءلة الذات بنسغ وجودي.
ثم استأنف الشاعر الناقد الدكتور عبد السلام المساوي القبض على دفء الحياة في شعر الشاعرة مبرزا أهم الأسئلة الجوانية التي طفح بها ديوانها الشعري الأخير أي ذاكرة تكفيك، وهو يقول الناقد شعر ينصرف عن الحذلقة اللغوية المجانية باحثا عن ألقه الذاتي في العمق والتلقائية والرغبة الملحاح في نسج ميثاق تفاعلي بين الشاعرة والمتلقي.
والأديب عبد السلام المساوي حاصل على جائزة مجلة الفرسان لأفضل قصيدة ( تعويذات الباب الكبير) 1994م / جائزة وزارة الاتصال بالتعاون مع اليونسكو عن ديوان سقوف المجاز 1999م. / جائزة بلند الحيدري للإبداع الشعري 2000م.
صدر للشاعر عبد السلام المساوي كتب متعددة: خطاب إلى قريتي، شعر، البيضاء 1986م. / البنيات الدالة في شعر أمل دنقل، دراسة، منشورات اتحاد كتاب العرب دمشق 1994م. / سقوف المجاز، شعر، دار النشر المغربية، البيضاء 1999م. / عناكب من دم المكان، سرد، / عصافير الوشاية، شعر، 2006م. / جماليات الموت في شعر محمود درويش، 2008م، دار الساقي بيروت.
تناول الكلمة الشاعر مصطفى ملح مقدّم البرنامج ليفتح أفقا في عمر اللقاء الجميل بإشراك الشاعرة المكرّمة لتدفئ حرارة النقد وسلطة التأويل بالتعبير عن انطباعها حول التكريم.
وقد عبرت الشاعرة عن فيض الحب الذي يجتاحها بالمناسبة اتجاه الجمعية في شخص رئيسها الأستاذ عبد الحي مشتي واتجاه الحضور الذين يمنحون حياة ثانية للنص بقراءتهم ومشاركتهم الوجدانية في استقبال الأخيلة الشعرية والتقاط البجع الساحر من شطآن القصيدة.
بعد ذلك شنّفت الشاعرة مسامع الليل بما قلّ وطاب ولذّ من السحر الحلال؛ قصائد منتقاة من هنا وهناك شدّت أسماع الحاضرين وتفاعلوا معها تفاعلا إيجابيا لما تتضمنه من قيمة شعرية ومن ألق شاعري، خاصة وأن الشاعرة تقف شعريا في منطقة وسطى بين الذات وبين مشكلات المجتمع في توليفة بديعة يسِمُها الانضباط
بعدئذ تم تقديم مجموعة من التذكارات الرمزية والهدايا الجميلة للشاعرة المكرمة من قبل جمعية آسيف لحماية الثرات الثقافي والمعماري ومن قبل الشعراء والفنانين التشكيليين، ثم ختم اللقاء على أنغام فرقة جذور برئاسة الفنان المتألق الأستاذ عبد الحق واردي الذي كعادته حلق بالحاضرين عاليا في سماوات الوحي المقطر في كؤؤس من هيولى، فاستمتع الحاضرون استمتاع رجل ظامىء يرتشف الزلال من ثغر الفجر الأخير على هذه الأرض.
أخيرا ناول الشاعر مصطفى ملح للأستاذ عبد الحي مشتي لختم اللقاء، واعدا بمواصلة نقش أحرف الجمال في اللوحة الأسطورية؛ لوحة الثقافى بجسم مدينة آسفي.