قدمت فرقة الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة بالرباط، ليلة الجمعة الماضية عرضها المسرحي الجديد" واش الغالية رخيصة؟" وذلك بدار الثقافة سعيد حجي بمدينة سلا الجديدة.
ويندرج عرض هذه المسرحية التي ألفتها وأخرجتا الفنانة زهور الزرييق، في إطار تشجيع الأعمال الإبداعية، والتحسيس بقيم النهوض بأوضاع المرأة وحقوقها في المجتمع، وإبراز دورها الكبير في تكوين الأسرة ولم شملها والحفاظ على عش الزوجية.
وبرعت الزجالة والشاعرة الزرييق، التي قامت بتشخيص دور زوجة أحمد في المسرحية، بأدائها المميز في إعطاء مشاهد المسرحية آفاقا واعدة للتحسيس بقيمة الأنثى في المجتمع، وحقها في الحياة، وفي المساواة مع الرجل، وبخاصة أنها تعد أساس الأسرة ومكونة الأجيال والأطفال.
واعتمدت المسرحية في ديكورها، على مشاهد وصور وإكسسوارات مميزة، هي من وحي البيت المغربي المتواضع والبسيط، في إشارة إلى عدد من التيمات والدلالات، منها إبراز القيمة الحقيقية للفضاء العام الذي تعيشه المرأة المغربية في غالبيتها، وهو ما أعطى لفصول المسرحية أبعادا إنسانية ومجتمعية خالصة.
كما شكلت إضاءة الفضاء من زوايا متعددة، وبتقنية عالية جمالية خاصة، أضفت على بيت عائلة "الغالية" وزجها بنعبد الله الجندي نوعا من الدفء، والسحر الذي يوضح الحضور الفني والإبداعي للمسرحية في هذا المجال.
وبدأت المسرحية في أولى مشاهدها بطرح عدد من الإشكاليات التي تبرز ضعف المرأة وهضم حقوقها من قبل الرجل، لتطالب برفع الظلم عنها من خلال نضالها وثقافتها، ولتختتم بعودة كل الزيجات إلى بيوتها وأولادها، ولتعود" الغالية" هي الأخرى إلى زوجها بعد أن اعتذر لها كثيرا، وحمل منديلها من الأرض بطريقة بديعة تبرز تأكيده لاحترامها وتقديرها، وهو تقدير واحترام للمرأة بشكل عام.
وكانت نبرات العود التي شنفت مسامع الجمهور، وأغنت كل مشاهد المسرحية بسكينتها وهدوئها ورمزيتها في الذاكرة الشعبية والثقافية والتراثية المغربية وجها آخر من أوجه الحضور الموسيقي الجميل في العمل المسرحي، الذي جاء متكاملا ومنسجما مع الأفق العام للمسرحية الذي يحتفي بالمرأة، ويكرس مبادئ الرأفة والتضامن، مما يمنح المرأة قيمتها الإنسانية الراقية.
ولامست المسرحية في صلب موضوعها عددا من القضايا المهمة التي تهم المرأة ومنها مدونة الأسرة، ووقف العنف ضد النساء، ومنح المرأة قيمتها في المجتمع كصوت حقيقي للانسجام والتوحد والصلح، ووقف نزيف الخصام والخوف من الرجل ومن المستقبل، وتحقيق التوازن والمساواة بين الجنسين كأسمى خصلة يجب أن تتحقق في المجتمعات بين الجنسين.
وتألقت الزرييق بطلة المسرحية بأدائها المميز، وبخطابها المسرحي الذي كان الزجل بيت قصيده، وهو ما جعل المسرحية تفيض حكما ومأثورات في قالب كوميدي وتراجيدي غاية في السحر والفرجة المسرحية الراقية.
وأكدت الزرييق إلى جانب بنعبد الله الجندي ونادية الفيلالي، و فاطمة الزهراء أحرار، أنهم قادرون على إيصال الرسالة بطريقة فنية خاصة، وهو ما أكسب العرض قيمته الفنية المميزة، وتجاوبا مهما من قبل الجمهور الذي حج إلى الركح بشكل مكثف.
وقام بتشخيص المسرحية، التي قدمت بدعم فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، ومساهمة مسرح محمد الخامس الفنانون نادية الفيلالي، وفاطمة الزهراء أحرار، إضافة الى الممثل بنعبد الله الجندي.
وتحكي هذه المسرحية التي تقدم في قالب فني وكوميدي، جميل، عن حياة امرأة أسمها الغالية والتي تعيش مجموعة من المشاكل الضاربة لحقوقها و الهاضمة لكرامتها مع زوجها أحمد.
وتستطيع الغالية بنباهة ولباقة منها، أن تضع أحمد أمام الأمر الواقع و تبرز له خرقه لحقوقها، أي تضعه، في محك وأمام المرآة، حتى تجعله يعترف بكل حقوقها المهضومة من طرفه.
اما احمد فيمثل جميع الرجال المتضاربين، في أفكارهم بين ما هو حق للنساء الأخريات، وغير حق عندما يتعلق الأمر بزوجته.
مسرحية"واش الغالية رخصية؟" التي تدور أحداثها في بيت مغربي عادي، يشكل تقريبا الغالبية من البيوت المغربية تجمع بين التراجيديا والكوميديا، هدفها الإصلاح بين الرجل و المرأة أكثر منه المحاسبة،وذلك من اجل حصول نوع من الانسجام والتالف بين الأزواج، وهو ما ينعكس على نجاح العلاقات الزوجية والأسرية بشكل عام.
وقالت مخرجة ومؤلفة المسرحية زهرة الزرييق في تصريح صحافي خاص أن هذه المسرحية، التي وصفتها" بالهادفة والتحسيسية"، تحاول أن تكون خطابا سهلا موجها إلى الجمهور والرأي العام، من أجل صيانة كرامة المرأة، والحفاظ على حقوقها، والدعوة إلى صيانة حرمتها، وتحقيق المساواة بينها وبين الرجل.
وأكدت أن المسرح كوسيلة فنية راقية، ينجح في لعب هذا الدور، وذلك من أجل بلورة الأهداف والمرامي التي تراهن عليها الرابطة، بهدف تحقيق قيم المساواة والعدالة والحرية بين الجنسين والنهوض بأوضاع المرأة والمجتمع بصفة عامة.
من جهتها أكدت رئيس المكتب الجهوي لفيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة جميلة كركوما في تصريح مماثل، أن هذه المسرحية واحدة وسائل التوعية والتحسيس بضرورة نفض الغبار عن المعاناة التي تعيشها المرأة في المجتمع، موضحة أن الرابطة جعلت من المسرحية رسالة فنية لإبراز عدد من القضايا التي تهم في العمق مناصرة المرأة المناضلة ضد التطرف والتعسف، وذلك بهدف تحقيق مبادئ العدل والمواساة بينها وبين الرجل في شتى المجالات.
وقالت "أنها تهدي هذا العمل إلى كل النساء المغربيات والمناضلات، ضد القهر والظلم والمعاناة، وذلك بهدف لفت المسؤولين والجهات المعنية إلى ضرورة صيانة حقوق المرأة وحقوقها، ودعوتها إلى المشاركة الحقيقية في بناء المجتمعات.
وأكدت كرموما أن الرابطة، من خلال هذه المبادرة، المتمثلة في احتضانها لعمل فني مسرحي، تعمل من اجل التوعية والتحسيس بقيم المساواة والمواطنة الحقيقية، فضلا عن مناهضة العنف ضد النساء وحقوق الأطفال، موضحة أن الرابطة من خلال أنشطتها الفنية المختلفة تترافع من أجل وضع إطار قانوني يحمي النساء ضد العنف الممارس عليهن، يكون من بين رهاناته التحسيس والتوعية والتربية حتى يتحمل كل قطاع مسؤوليته في هذا المجال.
واعتبرت أن الرابطة، وجدت في عدد الألوان والأشكال الفنية الراقية، كالمسرح والموسيقى والفنون التشكيلية، وسيلة جميلة للتعبير، ورسالة واضحة المعالم تتوخى الفرجة، من جهة، ومن جهة أخرى تسعى في الأساس إلى لفت الانتباه لأهمية حقوق المرأة في المجتمع، وتكريم قيم التعاون والحوار، وتحقيق معادلة المساواة والحرية في المجتمع، والنهوض بأوضاع المرأة والأطفال بكل ما تحمله الكلمة من معنى.