انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة في 29 يناير 2010 فعاليات (الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010) تحت شعار (الثقافة العربية وطن والدوحة عاصمة) عبر عرض اوبريت (بيت الحكمة) على مسرح الدفنة بفندق الشيراتون بحضور امير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني وقرينته الشيخة موزة بنت ناصر المسند والرئيس السوري بشار الاسد وقرينته اسماء الاسد وحاكم الشارقة الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.
واكد وزير الثقافة والفنون والتراث القطري الدكتور حمد الكواري على اهمية الدور الذي تقوم به قطر للحفاظ على التراث بكافة اشكاله من مباني وأدب وحكم ومنظومات قيم وعادات وفنون ، مبينا إنه شرف كبير لدولة قطر أن تكون "دوحة الثقافة العربية لهذا العام وعمقا معرفيا قدم للبشرية أعلاما طوروا العلوم والفنون في سائر أنحاء العالم".
حفل الافتتاح الذي اقتصر تاليا على عرض (فرقة انانا السورية بمشاركة نخبة من الفنانين السوريين والقطريين ومن اخراج الفنان جهاد سعد وبطولة غسان مسعود وعبد المنعم عمايري وميسون ابو اسعد) ، لاوبريت "بيت الحكمة" كرسالة حضارية تقدمها قطر من ذاكرة التاريخ العربي وماضي الأمة الإسلامية المضيء إلى الحاضر تعزيزا للقيم الثقافية والمعرفية.
والمعروف ان "بيت الحكمة" عنوان ذو إيحاءات تاريخية ، وذو دلالات حضارية وعلمية ، فهو البيت الذي أسسه المأمون ، والذي كان تجربة رائدة وفريدة تعكس حكمة القرار الواعي الذي يقدر دور العلم في بناء الإنسان والمجتمع ، مع تهيئة المناخ الميسر لذلك تنظيماً وتمويلاً ، وتدريباً للكفاءة البشرية ، فكان بيت الحكمة محطة الانطلاق الراسخة التي أنتجت هذا الزخم الحضاري الرفيع الذي عم جوانب البشرية لمئات السنين.
وجسد الأوبريت ملامح شخصية الخليفة العباسي عبدالله المامون بن الخليفة هارون الرشيد ، كما قدم الأوبريت لوحات تعبيرية رسمت اهتمام الخليفة العباسي عبدالله المأمون بن الخليفة هارون الرشيد بالعلم والعلماء ورجاحة عقله وإلى أي مدى وصلت إليه الثقافة العربية في تلك الحقبة الزاخرة بالعلماء والأدباء والمثقفين ، حينما كان العالم بعيداً كل البعد عن الحضارة والعلم الذي كانت تعيشه الأمة العربية والإسلامية آنذاك.
وتناول الأوبريت شخصية المأمون الذي تملّكه هاجس المعرفة منذ طفولته ، حيث آمن بأن العقل هو درّة الإنسان والمعرفة هي أداته الرئيسة ، وهذا ما دفعه عندما أصبح خليفة إلى أن يصرف جلّ وقته في بناء وتأسيس مركز إشعاع علمي ومعرفي طال أثره سائر أقطار الوطن العربي والإسلامي وأسماه بيت الحكمة.
وعكس الاوبريت الذي قد عبر ساعة من الزمن وسط حضور جماهيري كبير دور "بيت الحكمة" بالنسبة للمأمون على أنه لم يكن بيتا للتفاخر أو للتباهي وإنما كان مشروعا وطنيا جمعت فيه الكتب من كل أصقاع الأرض وعربت ونسخت وجعلت في متناول طلاب العلم والعلماء والفقهاء والفلاسفة.
وبدأت قصة العرض الدرامي الفني من عصر هارون الرشيد العصر الرغيد ليوضح كيفية نشأة المامون وبداية تشكل عقله وشخصيته ثم تنتقل بقفزة زمنية إليه وهو الخليفة الشاعر المتفقه ، فنشاهد بداية تأسيسه لبيت الحكمة ثم تمكنه من إنشاء المكتبة ودار الترجمة والنسخ ودار صناعة الكتب والجامعة ومركز البحث العلمي والمرصد الفلكي الذي وضع العرض في إطار حكاية درامية تحاول إعادة طرح التساؤل الحضاري القديم.
الى ذلك.. شهد حفل الافتتاح حضور نخبة كبيرة من اهم الفنانين العرب كضيوف شرف كجمال سليمان ومنى واصف واسعد فضة ومحمد المنصور ولطيفة التونسية ، فضلا عن حضور اكثر من 250 اعلامي يمثلون مختلف وسائل الاعلام العربية ، وشهد الحفل حضور وفد اردني مكون من المخرج المسرحي حاتم السيد والمخرج مشهور الحديد.