صدر عن دار شهريار بالعراق كتاب جماعي بعنوان "البلاغة الثائرة: خطاب الربيع العربي..عناصر التشكل ووظائف التأثير"، قام بإعداده وتنسيقه البلاغي المغربي الدكتور سعيد العوادي عضو مجموعة البحث في البلاغة وتحليل الخطاب بكلية اللغة العربية بمراكش التابعة لجامعة القاضي عياض، التي كانت قد أنجزت كتابا جماعيا مهما حول "التحليل الحِجاجي للخطاب" بتنسيق الدكتورين سعيد العوادي وأحمد قادم. وقد شارك في "البلاغة الثائرة" سبعة عشر باحثا أكاديميا من دول عربية مختلفة وهم: د.عماد عبد اللطيف، ود.هبة عبد الرحيم إبراهيم القاضي، ود.حسن المودن، ود.غسان إسماعيل عبد الخالق، ود.فاطمة أحمد كامل، ود.خليل عودة، ود.زكرياء الراشدي، ود.منال جمال محمود، ود.هدى عبد الغني إبراهيم باز، ود.مصطفى عطية جمعة، ود.عبد الوهاب صديقي، ود.عماد بسام غنوم، ود.عمر عتيق، ود.إبراهيم آيت المكي، ود.عجيمي الغلية، ود.لطيفة آل دليل.
والكتاب مهدى إلى الباحث البلاغي المصري الدكتور عماد عبد اللطيف، الذي كان سباقا إلى دراسة خطاب الثورة من منظور بلاغة الجمهور.
لا يلتفت الكتاب إلى المقاربة السياسية التي تنتهي في المحصلة عند أعتاب مع الربيع أوضده، ولكنه يتوسل بالمقاربة البلاغية المفتوحة على الجوانب الأسلوبية والتداولية ليوثق هذه اللحظة الخِطابية المائزة في التاريخ العربي قديمه وحديثه، حيث عبر المواطن العربي البسيط عن آلامه وآماله بتركيبات خِطابية متنوعة: شعارات، وخطب، ورسوم كاريكاتورية وكاليغرافية، ونكت...وساعده في إيصال صوته ،الذي ظل مبحوحا في الماضي، وسائل الميديا الحديثة مثل تويتر وفايس بوك ويوتوب.
وقد حاول الدارسون تشغيل منظورات بلاغية متنوعة للكشف عن العناصر التعبيرية التي اتكأ عليها هذا الخطاب في صورتيه اللغوية والبصرية، كما توقفوا عند الوظائف التأثيرية الواضحة والمتخفية من ذلك التشكل الخِطابي. فانبرت بعض الدراسات تسائل هوية تسمية "الربيع العربي" وتبحث في طبيعة المعجم اللغوي والاختيار الأسلوبي الذي استعمله، وانصرفت أخرى لتفحص شعارات الربيع أسلوبيا وحِجاجيا، كما اهتمت أخرى بمراوغات النكت السياسية، وتناولت بعض الدراسات آليات المغالطة في خطاب الإعلام الديني، وانشغل غيرها بالصناعة البلاغية للكاريكاتير دلاليا وسيميائيا.
يعيد هذا الكتاب الجماعي طرح سؤال جدوى البلاغة بطريقة تطبيقية ومواربة، ليدلل على أن الإنسان كائن بلاغي بامتياز، يوظف طاقاته اللغوية الخلاقة ليحقق وجوده داخل هذا العالم المتشابك، ويتفاعل معه فهما أوامتلاكا أوبطشا أوتسامحا..وبذلك، فإن تغييبنا للمقاربة البلاغية في التعامل مع الإنسان، والاكتفاء بالمقاربات الصحية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية يضيع من بين أيدينا فرص الاقتراب من جوهر وجوده وحقيقة معدنه.