ضمن فعاليات الدورة السادسة عشر لملتقى أحمد بوزفور للقصيدة القصيرة، الذي حمل هذه الدورة اسم الناقد: نجيب العوفي تحت: شعار القصة والنقد، نظم نادي الهامش القصصي بزاكورة ندوة بحثية حول القصة القصيرة وعلاقتها بالنقد، كان في تأطيرها كل من المحتفى به الناقد نجيب العوفي، و بديعة الطاهري، وعمر العسري، وعبد الله الشريق، أما التسيير فكان لرشيد شباري، الذي افتتح الندوة بقراءة الورقة التي شكلت الأرضية والطرح النقدي الذي تروم الندوة نقاشه، حيت ركز على إيلاء الأهمية النقدية الكافية لهذا الجنس الأدبي، الذي يعرف حيفا نقديا، وقلة متابعة في وقت تشهد الساحة الأدبية بروز أقلام شابة، وتجارب قوية بدأت تتلمس طريقها عربيا وقاريا، المداخلة الأولى كانت للدكتورة بديعة الطاهري، التي ركزت على مقاربة القصة النسائية نقديا، ملفتة النظر لمجموعة من الأسماء التي ساهمت بقوة وحازت الاختلاف وفضيلة التميز للقصة القصيرة المغربية، قبل أن تسجل بعض الملاحظات الأساسية حول نقد القصة الذي اهتم بالتجارب النسائية، والذي يعرف ندرة على مستوى الكم، كما أن المتن القصصي النسائي يعرف حضورا محتشما في الدراسات الجامعية والبحوث الأكاديمية، زيادة على أن الاهتمام يركز على أسماء بعينها وبأسماء مكرسة دون أخرى، بدل الاهتمام بالتجربة القصصية المجددة والنوعية، زيادة على هذا قلة الأبحاث التي أنجزتها الناقدات حول القصة القصيرة.
وفي طرح أخر قدم نجيب العوفي، مداخلة جاءت على شكل جرد تاريخي لمراحل تطور القصة المغربية، وأهم التمفصلات المحورية التي عرفها تطورها، انطلاقا من متابعة الدراسات الجامعية الأولى المؤسسة للنقد الأكاديمي للقصة القصيرة، والمجلات المتخصصة، مرورا بالمهرجانات والتظاهرات التي أقيمت بشكل خاص على أساس الإحتفاء وتدارس هذا الجنس الجمالي الخاص، ومن بين ما جاء في مداخلته: القصة القصيرة المغربية، شهدت في الآونة الأخيرة، سواء على يد الأجيال الجديدة أو بعض الرموز من الأجيال القديمة ـ المخضرمة، تحولا عميقا طال مضامينها كما طال أشكالها. وأهم مظاهر هذا التحول ومؤشراته، تكسير القصة الجديدة للعروض القصصي بوحداته الموبسانية المعروفة ( مقدمة / عقدة / تنوير) وعدم أو قلة احتفالها بالمادة الحكائية و الحبكة القصصية، وأيضا عدم أو قلة احتفالها بالأسئلة والهموم الاجتماعية و السياسية الكبرى، التي تأخذ بمخانق المجتمع، وانكفاؤها على "الدوائر المغلقة" و" الأشياء الصغيرة " وجنوحها أحيانا إلى الغموض والتباس الدلالة، واندياح الجملة السردية و الوصفية على العواهن بلا ضوابط حكائية ملموسة و متلاحمة، وبلا تفرقة أوتمييز بين السردي والشعري، وبسيولة لغوية متحررة تفتقد الكثافة والتركيز. أما الناقد عمر العسري فقد جاء في مداخلته أن القصة المغربية المعاصرة لا تؤسس لمدرسة اتجاه في الكتابة، حتى نؤرخ لها بمنهج تأريخي خاص، بقدر ما تستنبت لخصوصيتها كتابة ذاتية، ولصوت فردي يعد تعبيرا متفردا يأبى على التصنيف أو الإدراج داخل نظام كتابي معين. ويبدو هذا جليا من خلال نماذج تنزع إلى كتابة مفارقة، تستدرج سنادات ومهيمنات وبنيات أحيانا ما وراء سردية، فالجوهر ألتأليفي والكتابي الذي تستدعيه هذه النصوص، أصله وعي القاص الذاتي،واشتغاله على انجاز عمل سردي، بانشغالات فنية وبشروط كتابية خاصة جدا.
أما الناقد :عبد الله الشريق فقد جاءت مداخلته عبارة عن قراءة في المشروع النقدي لنجيب العوفي، خاصة الجانب المتعلق منه بالقصة القصيرة، حيت يقول :العوفي يمثل في أغلب مؤلفاته ودراساته النقدية، إلى جانب نقاد وكتاب مغاربة أخرون، تجربة النقد الاجتماعي بمنهجية الواقع الجدلي والبنيوي والتكويني، وهي تجربة نقدية متميزة في تاريخ النقد الأدبي في المغرب، أحدثت نقلة منهجية نوعية في دراسة الأدب المغربي، في مختلف أجناسه خلال فترة السبعينات والثمانينات من القرن العشرين، حيت نقلت الممارسة النقدية من التعامل التأثيري الوصفي والذوقي والتقليدي والرومنسي مع النصوص.