في سياق احتفالها بانصرام ستين سنة على تأسيس جامعة محمد الخامس بالرباط، واحتفاء بوجه مائز من وجوه الريطوريقا العربية الحديثة الدكتور محمد العمري، نظمت شعبة اللغة العربية وآدابها بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط، يومه الأربعاء 10 ماي الجاري، ندوة علمية وطنية حول "سؤال الحجاج، مؤدياته و مرجعياته واستعمالاته"، شارك فيها لفيف من الباحثين المتخصصين من جامعات مغربية مختلفة. ولأهمية الموضوع وراهنيتيه فقد تابع فقرات الندوة جمهور نوعي كبير من الأساتذة والباحثين والطلبة، تمكنوا من الإستماع إلى مداخلات الأساتذة المحاضرين عبر ثلاث جلسات علمية انطلقت أولاها مباشرة بعد كلمة افتتاحية لمدير المدرسة العليا للأساتذة، وكلمات ترحيبية لرئاسة الشعبة وللجنة الأكاديمية المنظمة. افتتحت الجلسة الأولى من أشغال الندوة بعرض تأطيري لنظريات الحجاج والبلاغة ومرجعياتهما قدمه الباحث د. إسماعيل المساوي، وانصرفت الورقة الأكاديمية الثانية للدكتور شرف العرب الداودي إلى استجلاء التساوق النسقي بين التخييل والتداول، وذلك في أفق تدشين بلاغة عربية جديدة استناداً إلى المنجز الريطوريقي لعميد البلاغيين العرب الدكتور محمد العمري، فيما ذهب الدكتور أحمد قادم إلى توصيف وجوه التشغيب والسفسطة في الحجاج المغالطي اعتماداً على تفسير الألوسي، ومن زاوية أخرى توقف الدكتور علي المتقي على أنحاء المحاججة الإقناعية في الخطاب القرآني متكئا على ثلاثية أرسطو الخطابية : إيتوس، باتوس ،لوغوس. وافتتحت الجلسة الثانيةبعرض للدكتورة سمية البصروي عملت فيه على استبانة الملامح الحجاجية للرسائل الإلكترونية وأنحاء خطابها التأثيري،فيما انصرف الدكتور عبد القادر بقشي إلى إنجاز قراءة حجاجية بلاغية لرسائل ابن العميد إلى ابن بلكا، وفي سياق التخاطب التجاري ذهب الدكتور أحمد بوعنان في مداخلته إلى دراسة قطبي الباتوس والإيتوس في التداولات والتفاعلات التجارية، فيما ذهب الدكتور عادل عبد اللطيف إلى تحليل حجاجي للشعارات الإنتخابية المغربية واستقراء لمقصدياتها الإقناعية، وفي تصاد خلاق مع هذه الورقة العلمية عمد الدكتور عبد العزيز لحويذق إلى استغوار ملامح الفاعلية الحجاجية في الخطابين السياسي والقانوني. وانطلقت الجلسة العلمية الثانية بعرض للدكتور محمد الشيكر توقف فيه عند مقتضيات ومصادرات و وجوه المقاربة الحجاجية للنص الفلسفي، وفي سياق قريب عمل الدكتور محمد اليملاحي على تحديد الأبعاد الحجاجية في تحليل النص الأدبي، انطلاقاً من نماذج تحليلية من الكتب المدرسية المعتمدة بالتعليم الثانوي التأهيلية. وتوجت الجلسة العلمية الثالثة بمحاضرة علمية باذخة للمحتفى به شيخ البلاغيين المغاربة، وعميد الريطوريقا العربية الحديثة الدكتور محمد العمري. وعرفت الندوة الحجاجية المنظمة بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط في سائر جلساتها حضوراً بارزاً وتفاعلا خلاقا مما حذا بالمشاركين إلى المطالبة في بعض التوصيات الختامية بتنظيم نسخة ثانية للندوة تنفتح فيها على فعاليات وكفاءات دولية في الموضوع، والحرص على توثيق أشغال الندوة العلمية في كتاب جامع.