حظيت الممثلة الأمازيغية القديرة فاطمة عاطف في حفل افتتاح الدورة الأولى لمهرجان الريف للفيلم الأمازيغي ، التي احتضنت أشغالها قاعة سينما إسبانيول الجميلة من 3 إلى 5 ماي الجاري ، بتكريم جد مستحق على مجمل أعمالها السينمائية والمسرحية والتلفزيونية وهي في أوج عطائها الفني . وقد عبرت عن سعادتها بهذه الإلتفاتة التي لها أكثر من دلالة وشكرت منظمي المهرجان وعلى رأسهم الثلاثي الرائع الحبيب حاجي (رئيس المهرجان) والمصطفى الشعبي (مدير المهرجان) وعبد الإله إرمضان (الكاتب العام للمهرجان) ، كما شكرت صديقاتها وأصدقائها الفنانين الحاضرين بكثافة والجمهور التطواني الذواق للفن الرفيع وكل من ساهم من قريب أو بعيد في تنظيم هذا العرس السينمائي الأمازيغي بشمال المغرب . وبعد تسلمها لدرع التكريم من يد الحقوقي والمحامي الأستاذ الحبيب حاجي ولبورتريه من توقيع الفنان التشكيلي الشاب والمبدع حمزة النتيفي ، أخذت لها صور تذكارية بالمناسبة توثق لهذه اللحظة التاريخية في حياتها ومسيرتها الفنية .
ومعلوم أن فاطمة عاطف ، إبنة مريرت وأستاذة الفن سابقا ، ممثلة مغربية دائمة البحث عن الجودة إذ لا تقبل إلا الأدوار التي تقتنع بها . كانت بدايتها مسرحية من خلال مجموعة من الأدوار التي تألقت في أدائها ونالت عنها جوائز مع أو خارج فرقة " مسرح الشامات " بمكناس ، التي ساهمت في وضع لبناتها الأولى واشتغلت مع أفرادها لمدة ليست بالقصيرة ، ولا زالت عاشقة للمسرح حتى النخاع إذ قامت مؤخرا بأداء وإخراج المونودراما الشعرية " نزف " .
شاهدتها في مجموعة من الأعمال السينمائية والتلفزيونية وأعجبت بأدائها القوي والتلقائي ، فهي تشخص أدوارها المختلفة والمركبة أحيانا بصدق وتمكن ، لأنها موهوبة أولا ومتخرجة من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي ثانيا وقارئة ومتتبعة للحركة الفنية بانتظام ثالثا .
حضورها في أفلام السينما والتلفزيون أقل من حضور ممثلاث أخريات من جيلها ، لكنه حضور لافت لا يحسب بالكم وإنما بالكيف . هي من الممثلات القليلات اللواتي لا يمكن نسيانهن بسهولة بعد مشاهدتهن في أدوار سينمائية أومسرحية أوتلفزيونية . كانت مقنعة إلى أبعد الحدود في أعمالها التلفزيونية (مسلسلي " دواير الزمان " لفريدة بورقية و " شجرة الزاوية " لمحمد منخار ، وأفلام " أكون أو لا أكون " لهشام العسري و " الشاهدة " و " الدم المغدور " لعادل الفاضلي و " أسرار صغيرة " لعزيز السالمي ، وسلسلة " الحياني " لكمال كمال ...) وفي أفلامها السينمائية الطويلة : " دموع إبليس " (2014) لهشام الجباري و " خارج التغطية " (2012) لنور الدين دوكنة و " رقصة الوحش " (2011) لمجيد لحسن و " حد الدنيا " (2011) لحكيم نوري و " يا له من عالم جميل " (2006) لفوزي بن السعيدي و" عشاق موغادور " (2002) لسهيل بنبركة و " أصدقاء الأمس " (1998) لحسن بنجلون والفيلم القصير " المحاكمة " (2010) لعبد الكريم الدرقاوي ...
إن هذه الممثلة المتميزة دوما بأدائها المقنع عبر صوتها وكلامها وحركات جسدها وقسمات وجهها ولباسها وغير ذلك من أدوات التعبير ، والتي راكمت تجربة فنية معتبرة أهلتها للمشاركة في العديد من لجن التحكيم ، لم يلتفت إليها صناع السينما المغربية بشكل كافي لحد الآن ولم يوظفوا بعد إلا جزءا يسيرا من قدراتها الفنية الهائلة في التشخيص من خلال الأدوار المحسوبة على رؤوس الأصابع التي شرفت بها فن التشخيص ببلادنا .
ولعل هذا الإجحاف في حقها كممثلة قديرة هو الذي عبرت عنه بصدق في كلمتها المقتضبة والعميقة بمناسبة تكريمها بمهرجان زاكورة السينمائي سنة 2014 حيث قالت : " لم أستوعب بعد كيف تسير الأمور في ميداننا الفني " .
فتحية احترام وتقدير للفنانة فاطمة عاطف بمناسبة هذا التكريم التطواني الجديد ، الذي نتمنى من كل أعماقنا أن يشكل فأل خير عليها وعلى مسيرتها الفنية مستقبلا ، خصوصا بعد استفادتها من تقاعد نسبي من وظيفتها بوزارة الثقافة وتفرغها للعمل المسرحي تشخيصا وإخراجا وكتابة إلى جانب حضورها السينمائي والتلفزيوني المحتشم لحد الآن .
أحمد سيجلماسي