صدر مؤخرا عن منشورات القلم المغربي؛ كتاب يحمل عنوان "بوح الشمس" (تخييل ذاتي)، وهو عبارة عن نصوص سردية لتلاميذ من منطقة سيدي مومن بالدار البيضاء، قدم لها مجموعة من النقاد المغاربة والعرب وخصوها بدراسات نقدية : محمد برادة(ناقد وروائي/ المغرب)؛ شهلا العُجيلي (الجامعة الأمريكية في مادبا الأردن)، حميد لحمداني (كلية الآداب ظهر المهراس ـ فاس/ المغرب)، ومنير عُتيبة (قاص وروائي وناقد، مؤسس مختبر السرديات بمكتبة الاسكندرية/ مصر)، ومحمود عبد الغني (روائي وناقد، أستاذ الأدب الحديث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط)، ونبيل سليمان (روائي/ سوريا)، وشُميسة غربي (شاعرة وأستاذة جامعية ـ جامعة سيدي بلعباس/ الجزائر).
وقد أشرف على الكتاب ونسق أعماله، شعيب حليفي (ناقد وروائي/ مدير مختبر السرديات بكلية الآداب بنمسيك الدار البيضاء)، ومحمد محي الدين (أستاذ الثانوي التأهيلي ـ سيدي مومن، وباحث بمختبر السرديات)، والكتاب هو ثمرة تعاون وانفتاح بين مختبر السرديات والثانوية التأهيلية "ولادة" بسيدي مومن، وغيرها من المؤسسات التعليمية، في مبادرة لدفع التلاميذ للكتابة، عبر تحفيزهم معنويا، وإشراكهم في أنشطة المختبر.
ومما جاء على ظهر غلاف الكتاب: "سبعة نصوص سردية لشباب من اليافعات واليافعين أعلنوا انتماءهم للحياة والإبداع والمستقبل...أصبح السردُ مَلاذ ذَوَاتِـهم ولِسَانَ حَالِ حياتـهم،الناطق باسمهم.يَـلُـمُّ شَتَاتَ أخَـويتِهم، سَردٌ جَـماعي يُـنـفِّـسُ الحَـرَّ الذي يُـلهِـبُـهم، في زمَـن فَـقـدَ فيه الكثير الكثير من أقرانهم أصواتهم، وضاعت حكاياتهم، وخَـفَـتَـت نبرات كلماتهم، بعدما أُلْجِـموا عن الـبَـوح والصُّراخ. فأصبحوا لا يـتـكـلَّمون، وإذا تَـكَـلَّـموا تَـلـعـثـموا، وإذا تَـلعْـثَموا لم يُـفـهـموا ...
انطلاقا من هذه القناعة بقدرات السرد العجيبة، انخرط العشرات من الشباب اليافعين في مشروع عدم السكوت عن الكلام المباح وإن أدرَكهم الصباح، فسيصلونه بالمساء ... شَرط أن يحكوا دُون قُـيودٍ ولا رَقَـابَة على المُتون، ودُون رقـم إيْـدِاعٍ... ،عن هـذا العالم العَجَّاجِ التَّجَّاجِ، وعن المُعـاناة السعـيدة... وكأن لسان حالهم يقول: "السردُ، بخُـيـوطُ الحكاية، قادِرَةٌ على تَـغـيـيـر حـكايـتـنا في هـذه الـدُّنيا، بالسرد سَـنعِـيشُ، ونـنـتـصر... بالـسَّرد".
وقد أشاد محمد برادة في تقديمه للنص السـّيري-الشهادة الذي كتبته التلميذة مـريم السعيدي ضمن الكتاب؛بأهمية إعطاء التلاميذ الفرصة للتعبير داعيا لما سماه "مشـروع إعطاء الكلمة للتلاميذ ولجميع فئات المجتمع، ليحكوا حيواتهم وتفاصيل العيش، حتى لا تـظل الحواجـز مـنتـصبة بيــن مختلف الأناسي المـتـساكنين داخل نفس المجتمع"(ص:09)، مبينا "أهمية مثل هذه الشهادات، سواء كانت مكتوبة أو شفوية، لأنـها تــملأ الثقوب الكـثـيرة التي تــتـــخلـل تـركيب مجتمعنا، وتـتـيح للناس أن يتـعارفوا ويتـحاوروا انطلاقا من المعيش، كما أنها تسمح لـمن بيـدهم السلطة أن يـتـعرفوا على تفاصيل حيوات مواطنيهم فلا تظل العلاقة تجــريدية تـتــســتــر تحت رداء الديمقراطية التمثيـلية المليئة بالثــقوب... أن يحكي التلاميذ والتلميذات عن حيواتهم، بصـدق وجـــرأة، مـعناه أن يــمدوا الجســور لربط الصداقة والحوار حول حاضرهم ومستقــبلـهم المرتبط بـمستــقبــل مجتمعهم"(ص:11)
والكتاب هو حصيلة أربع سنوات من العمل؛ضمن ما سمي مشروع البحث عن "خيوط الحكاية"، والتي يعتبر كتاب "بوح الشمس" غيضا من فيضها، حيث انطلقت الفكرة سنة 2011 بالثانوية الإعدادية ثريا السقاط، ثم تواصلت بعد ذلك بالثانوية التأهيلية "ولادة" بسيدي مومن، عبر تنظيم العشرات من ورشات الكتابة والقراءة، التي ضَمَّتْ أيضا بعض تلاميذ المؤسسات التعليمية المجاورة، وتُوِّجَت هذه الورشات أنشطتها بتنظيم المسابقة الأولى للسيرة الذاتية والروائية، والتي نظمت بإشراف مختبر يشهد له وطنيا وعربيا بعطائه في مجال السرد، وهو "مختبر السرديات" بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، الذي دَعَّمَ هذه المبادرة التي تدفع بالتلاميذ للكتابة، عبر تحفيزهم معنويا، وإشراكهم في أنشطة المختبر، وإخراج نصوصهم إلى دائرة الضوء... ويعتبر هذا الكتاب هو الحلقة الأولى لنشر مجموعة من النصوص الأخرى التي تنتظر دورها.
غلاف الكتاب من إنجاز الفنان التشكيلي بوشعيب خلدون.