"على هذا المذبح الذي نسميه الحياة ، اختارت المبدعة نعيمة الملكاوي أن تقدم الضوء قربانا للظل،لتضيء السراديب الضيقة والممتدة حينا عبر الريشة، وحينا آخر بارتجال مفردات أو عبارات موزونة و شفهية في غالبها ، نادرا ما تكتب الفنانة ما تجود به قريحتها البوهيمية على ورق ضائع أو مبتور في مرسمها ، لا ترى فيما تبدعه شيئا يستحق التوثيق ، المعاناة عندها زهد والألم لا يحتاج لتهليل ، و بنظرها أبسط ما يمكن أن نقدمه لمن يئن الجنوح به نحو روحانية الوجع ".
بهذه التوطئة تقدم الكاتبة والإعلامية فتيحة النوحو الديوان الزجلي الأول للفنانة التشكيلية نعيمة الملكاوي"لون الظلام" الذي صدر حديثا عن دار التوحيدي وبدعم من وزارة الثقافة
فيما يقول الشاعر مراد القادري عن الإصدار المزين بإحدى لوحات الفنانة :
إنه ديوان كتب من موقع الفنانة التشكيلية التي تحتفي بالألوان، وعبرها تسبرُ غور الصور الفنية والجمالية، لتنقلها إلى كلمات تطرز بها عتمة الظلام. موقعٌ مختلف ومغاير للتجارب الزجلية التي انطلقت سابقا في المشهد الشعري المغربي إذ يتجلّى اللون بوضوح في بعض مفاصل الديوان، بل إنّ الشاعرة اختارت أنْ تدشّن به عتبة الديوان ومفتتحه:
لبسني اللون من الصغر
فْحْضانو تعلمت الصبر
ديما فجنبي وحدايا
اللون كبر معايا
بيه نتجدد كل يوم
نحيي الفرحة وندفن الهموم
هو الصاحب هو الصديق
يفرج عليا وقت الضيق
ويضيف الشاعر مراد القادري أن احتفالية الحروف والألوان تسمُ هذا الديوان بالكثير من المتعة والدهشة. والشاعرة وإنِ اختارت أنْ تسميَ ديوانها " لون الظلام"، فإنّ الظلام في هذه الباكورة يقودُ بصر وبصيرة القارئ لاكتشاف رقصات الألوان والحياة
فيما يرى الشاعر أحمد لمسيح أن ديوان " لون الظلام " فيه مزج بين التصوير و الحكي
كما ينطوي على وفرة الصور بحكم الشاعرة نعيمة الملكاوي تبدع في مجال التشكيل
كما أن القصائد تحاول أن تبتعد على أن تكون صدى لنصوص متداولة أو استنساخاً للقول الدارج والنمطي المكرر بين الناس في الحياة اليومية .
ويخلص الشاعر احمد لمسيح إلى حضور الصوت الشخصي في لون الظلام ، صدى الذات ، والإنصات لتفاعلها الداخلي مع بنيتها ومع الخارج ، ناهيك إلى التأملات الوجودية وسؤال الكينونة .