استضافت "المكتبة الوسائطية" بطنجة، مساء يوم الجمعة 12 شتنبر 2014، ثلة من المبدعين والإعلاميين والمهتمين بالشأن الثقافي/الإبداعي، الذين قدموا من مدن مختلفة للاحتفاء بالمجموعة القصصية "مضاجع ملغومة" للقاصة نعيمة القضيوي الإدريسي في حفل إبداعي، فني، نظمه "الراصد الوطني للنشر والقراءة"، مواصلا رحلته في بحور الإبداع المتشعبة، بمشاريع ثقافية وإبداعية تهم الكتاب والكاتب المغربي.
فعاليات الحفل انطلقت بكلمة الأستاذ توفيق الحمزاوي (باسم المكتبة الوسائطية)، ثم أعطيت الكلمة للقاصة السعدية باحدة (الدار البيضاء) التي تحدثت في ورقتها المعنونة بـ «النبش المتمرد في الذاكرة الليبيدية أو تفجير الألغام المكبوتة» عن الجرأة النادرة التي استخدمتها القاصة نعيمة القضيوي للنبش بعمق في منطقة اللاشعور، مراوغة "الأنا الأعلى" المتحكم في أخلاقياتنا لتجلب "الهو" على كرسي الاعتراف، فيكون المجتمع متهما وحكما في ذات الآن. مشيرة إلى أن القاصة اشتغلت في جل نصوص "مضاجع ملغومة" على تيمة واحدة، وتحدثت عن لغة الجسد، الذي يرزأ تحت وطأة اللذة العابرة وسطوة الإغراء، فكان الجسد الملغوم الذي يعاني من ذكورة مزعومة وعجز جنسي، والجسد الملعون الذي تطارده اللعنة سواء كان ناظرا أو منظورا، فهو محكوم بالتستر وغض البصر، ثم الجسد الشبق الذي يعاني منذ الأزل من الإذعان للإغراء الايروتيكي.
وحول المجموعة نفسها، ركز الأستاذ محمد مرزاق (العرائش) في ورقته التي عنونها بـ«سوسيولوجية الصورة في "مضاجع ملغومة"» على أن المجموعة احتفت بالمرأة/الصورة، حيث استطاعت هذه الصورة/الرمز المتمثلة في المرأة بوظيفتها البطولية والسردية، أن تكشف عن المنحى السوسيولوجي بأبعاده المتعددة. حيث قام – في ورقته- باستعراض بعض النماذج القصصية للكشف عن الجانب السوسيولوجي بواسطة الصورة/الرمز مثل: "عانقت خيبتها"، "صقيع سرير"، "خيوط العنكبوت"، "بئر الحرمان"... وهي نماذج احتفت بالمرأة كصورة رمزية بشكل عام، داخل مجتمع معطوب يعيش اهتزازات واضطرابات عقائدية ونفسية وفكرية. كما أشار إلى أن النصوص السردية ليست ترجمة لحالة فردانية رومانسية، بقدر ماهي صورة لمجتمع مهترئ في لحظة زمنية محددة، لها إكراهاتها التاريخية والسياسية والاجتماعية.
وقد اعتبر الأستاذ محمد الكلاف (طنجة)، في ورقته التي حملت عنوان: «مضاجع ملغومة... إيروتيكا باذخة من صنع الكاتبة نعيمة القضيوي الإدريسي» المجموعة، سيرة نابعة من مرجعية حقيقية تعتبرها الكاتبة مهمة في الحياة، حتى وإن كانت إيروتيكية مسكوت عنها بكل اصرار، كالكتابة عن الجسد وما يتعرض له من انتهاكات، وفضح خباياه بنوع من التمرد. كما أشار إلى كون القصص منفتحة ومتفتحة على أزمنة وأمكنة متعددة، معتمدة وسائل إبداعية وفنية، تثير القراءة عبر التوصيف التفصيلي والتشخيصي للأحداث والمواقف، التي تدعو الكاتبة إلى الاندهاش والوقوف موقف المتبرئ من الأخلاق التي تجاوزت الأعراف التقاليد. وأن "مضاجع ملغومة" هي احتجاج الكاتبة في وجه جلادي جسد المرأة، ودعوة لإعادة الاعتبار لجسد المرأة المنتهك.
واختتمت الجلسة التقديمية بكلمة القاصة نعيمة القضيوي الإدريسي، شكرت فيها "رونق المغرب" على هذا الاحتفاء الإبداعي وعلى جهوده في التعريف بالكاتب وإعادة الاعتبار للكتاب المغربي. كما حيت الأساتذة الذين ساهموا في الجلسة التقديمية بمقارباتهم المركزة وقراءاتهم الرصينة، وشكرت المكتبة الوسائطية على الاستضافة، والحضور النوعي الذي شاركها لحظة الاحتفاء بمجموعتها "مضاجع ملغومة".
وبعد تقديم الهدايا الرمزية للمحتفى بها من طرف الشاعر خليل الوافي باسم "رونق المغرب"، أعلن الشاعر رشيد صويلحي عن انطلاق فعاليات القراءات القصصية، بمشاركة: نعيمة القضيوي الإدريسي (الدار البيضاء)، المصطفى سكم (العرائش)، محمد سدحي (طنجة)، وتخللت فقرات الحفل معزوفات موسيقية ووصلات غنائية من أداء الفنان العرائشي عبد المالك مراس. وقد اختتم الحفل بتوقيع المجموعة المحتفى بها على إيقاع الموسيقى والصور التذكارية.