انتقل إلى عفو الله الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم عن سن يناهز 75 سنة، بعد صراع مع مرض سرطان الكبد الذي داهمه مدة 3 سنوات والذي أدى إلى تدهور حالته الصحية في الأيام الأخيرة حتى وافته المنيه في مستشفى صفد في الأراضي المحتل يوم الثلاثاء 19 أغسطس 2014.
ولد القاسم لعائلة درزية في مدينة الزرقاء الأردنية يوم 11 مايو 1939، ودرس في بلدة الرامة وبالناصرة شمال فلسطين ، واعتقل عدة مرات وفرضت عليه الإقامة الجبرية من قبل القوات الإسرائيلية بسبب مواقفه. وواجهَ أكثر من تهديد بالقتل. وقد قاوم التجنيد الذي فرضته إسرائيل على الطائفة الدرزية التي ينتمي إليها، . وعلّم في إحدى المدارس، ثم انصرف بعدها إلى نشاطه السياسي في الحزب الشيوعي قبل أن يترك الحزب ليتفرغ لعمله الأدبي.
بلغت أعمال القاسم أكثر من سبعين عملا بين الشعر والقصة والمسرح والترجمة ، كما ترجم عدد كبير من قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية ولغات العالم. ويعد القاسم واحداً من أبرز شعراء الفلسطينيين إلى جانب الراحل محمود درويش حيث حصل على العديد من الجوائز الفلسطينية والعربية والعالمية، كما اشتهر بمراسلاته مع الشاعر محمود درويش، والتي عرفت بـ"كتابات شطري البرتقالة". والتي وصفها الكاتب عصام خوري بأنها "كانت حالة أدبية نادرة وخاصة بين شاعرين كبيرين قلما نجدها في التاريخ".
وكتب سميح قصائد تغنى في كل العالم العربي، منها قصيدته التي غناها الفنان مرسيل خليفة "منتصب القامة أمشي.. مرفوع الهامة أمشي" .
قصيدة "تقدموا " للشاعر الفلسطيني سميح القاسم
تقدموا
تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل ارض تحتكم جهنم
تقدموا
يموت منا الطفل والشيخ
ولا يستسلم
وتسقط الام على ابنائها القتلى
ولا تستسلم
تقدموا
تقدموا
بناقلات جندكم
وراجمات حقدكم
وهددوا
وشردوا
ويتموا
وهدموا
لن تكسروا اعماقنا
لن تهزموا اشواقنا
نحن القضاء المبرم
تقدموا
تقدموا
طريقكم ورائكم
وغدكم ورائكم
وبحركم ورائكم
وبركم ورائكم
ولم يزل امامنا
طريقنا
وغدنا
وبرنا
وبحرنا
وخيرنا
وشرنا
فما اللذي يدفعكم
من جثة لجثة
وكيف يستدرجكم
من لوثة للوثة
سفر الجنون المبهم
تقدمو
وراء كل حجر
كف
وخلف كل عشبة
حتف
وبعد كل جثة
فخ جميل محكم
وان نجت ساق
يظل ساعدومعصم
تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل ارض تحتكم جهنم
تقدوا
تقدموا
حرامكم محلل
حلالكم محرم
تقدموا بشهوة القتل التي تقتلكم
وصوبوا بدقة لا ترحموا
وسددوا للرحم
ان نطفة من دمنا تضطرم
تقدموا كيف اشتهيتم
واقتلوا
قاتلكم مبرأ
قتيلنا متهم
ولم يزل رب الجنود قائما وساهرا
ولم يزل قاضي القضاة المجرم
تقدموا
تقدموا
لا تفتحوا مدرسة
لاتغلقوا سجنا
ولاتعتذروا
لا تحذروا
لاتفهموا
اولكم
آخركم
مؤمنكم
كافركم
ودائكم مستحكم
فاسترسلوا واستبسلوا
واندفعوا وارتفعوا
واصطدموا وارتطموا
لاخر الشوق اللذي ظل لكم
واخر الحبل اللذي ظل لكم
فكل شوق وله نهاية
وكل حبل وله نهاية
وشمسنا بداية البداية
لا تسمعوا
لا تفهموا
تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل ارض تحتكم جهنم
تقدموا
تقدموا
لا خوذة الجندي
لا هراوة الشرطي
لا غازكم المسيل للدموع
غزة تبكينا
لانها فينا
ضراوةالغائبفي حنينه الدامي للرجوع
تقدموا
من شارع لشارع
من منزل لمنزل
من جثة لجثة
تقدموا
يصيح كل حجرمغتصب
تصرخ كل ساحة من غضب
يضج كل عصب
الموت لا الركوع
موت ولا ركوع
تقدموا
تقدموا
ها هو قد تقدم المخيم
تقدم الجريح
والذبيح
والثاكل
والميتم
تقدمت حجارة المنازل
تقدمت بكارة السنابل
تقدم الرضع
والعجز
والارامل
تقدمت ابواب جنين ونابلس
اتت نوافذ القدس
صلاة الشمس
والبخور والتوابل
تقدمت تقاتل
تقدمت تقاتل
لا تسمعوا
لا تفهموا
تقدموا
تقدموا
كل سماء فوقكم جهنم
وكل ارض تحتكم جهنم