سَكبتُ النبيذ بقعرِ كأسٍ
فتباهى النَبيذ بارتكازٍ وجَمالِ قعْرِ
كريستال ٌمُصَفى ذاتُ شمائلٍ
تغفو على جانبيه الجنان وتُغرِ
ما زالَ لطَعمِهِ نشوةٌ الظمآن
رُغمَ مَرارة العافية وتيهان عُمْرِ
كانَ اللسانَ كما الوَلهان يَرشفُ
كالبَلابلِ تسْكرُ بقطراتِ أعنابٍ وتمرِ
******
اشتقتُ إليكَ يا كأسَ العافية
وللأرجوانِ المُعَتق على خطى بَياضكِ يَسْري
أتوقُ لتلك الخصال وذاكَ الهَمْسْ
وعلى كَرمِ الضِفاف نُقشتْ تلابيبَ أَسْري
وعلى حَيفِ الكِأس ارتَجَفَت شَفتاي وابتهلتا
لسَمواتِ عَينيكِ، وتناسِيتُ الأنا، وتاهَ فِكْري
يا لَيتك تعلَمين ما عانيتُ لأجلِكِ
وكمْ اَغرَقتني رَشْفة خوفي، وتجرَّعَتْ مُرّاً
*******
يا كأسَ قدري قد آلَمْتني
يومَ سَكَبْت
طيبُكَ وعِطرُكَ على روحي كلوحِ المَرمَرِ
كنتَ كَريماً وكنت أنا الشَحيح الأشأم
لم يَكنْ للعَسْلِ ..
مَذاقٌ بجوفِ حَلقي المَعطوبَ المُجَّمرِ
يا كأسَ الكِريسْتال ..
كنتِ تسقيني ، وكنتُ أخافُ عليكَ منَ الثلمِ
يا نَبعاً أحنُّ إليه ..
ألذ َّعندي من ذوقِ كلِّ شرابٍ مُخَمَرِ
لما اليَنابيع شُرِّعَت مَناقِبُها ..
يومَ سَباني العَجْز ..
وأَنّتْ الروح بظلِّ هَزيعَ لَيلِ المَقابر
كنتُ أَتعَففُ أمام انحناءات طيبك
وأَقسو ..
على يومي بالكَفافِ ووِحدَةِ ليلٍ بلا قمرِ
لرَناتكِ وسَعادتكِ .. عِشتُ الكَفاف
ولأجل عينيك ..
رَكبت موج البَحر وحدي كي لا تُأسرِ
كنتُ أَغمض عينيّ أمامَ دُنياكِ وجَنَّتي
ولوَهْجِك وشَبابك ..
دَعوت لكِ الله النَجاة والحَياة بعَلني وسِرّيِ
أن تَعيشي حَياتك حرَّةً سَعيدةً ..
وتمنحك الحَياة حُباً وأملاً ..
بعيداً عن تلافيف موتي المَحْتوم ولا تتأثّر
أحْبَبتك ولم أكنْ طالباً إلا سَعادةَ منْ أُحِبْ
اخترتُ البَعاد ..
وتحَمُّل لوعةِ اِنكسارِ اللَظى ومُرًّ مُحّسَّر