كشف الباحث والدكتور الحبيب ناصري رئيس المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة(المغرب) عن اقتراب اصداره لكتاب تحليلي سينمائي يخص السينما المغربية، هذا الكتاب الجديد سيضيف دفعة لمجال الكتابة السينمائية من زاوية اكاديمية، وسيغني الحقل والخزانة السينمائيين.
واكد الناصري في هذا الحوار الذي اجريناه معه، ان فيلم( ناجي العلي في حضن حنظلة) الذي كتب له السيناريو، واخرجه المبدع الفلسطيني فايق جرادة، حقق ما لم يكن متوقعا بسلطنة عمان، حيث فاز بجائزة الخنجر الفضي بالدورة الاخيرة لمهرجان مسقط السينمائي الدولي، وسط مشاركات دولية متعددة، فضلا عن تتويجه بمهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي بجائزة احسن فيلم وثائقي.
عن المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة، وعن هذه المدنية، كفضاء تراثي وتاريخي، ومستقبل السينما الوثائقية بالمغرب والعالم العربي، واشياء اخرى يحدثتنا الدكتور ناصري في هذا الحوار:
الأستاذ الحبيب ما جديدك السينمائي؟
أشكركم في البدء على هذه الالتفاتة الاعلامية الكريمة منكم. جديدي انا جد منهمك على المرحلة الاخيرة من كتاب تحليلي سينمائي يخص السينما المغربية ان شاء الله، كتاب سيضيف ان شاء الله دفعة لمجال الكتابة السينمائية من زاوية اكاديمية، لاسيما وان هذا الكتاب تناول موضوعا اجتماعيا يخص مجتمعنا المغربي، ومن خلال السينما المغربية وبدءا من سنة 1958 الى حدود سنة 2013، ان شاء الله عما قريب سيجده القارئ المغربي الكريم في سوق الكتاب، وسيكون مفاجأة جميلة لكل من تربطه صلة ما بالسينما المغربية.
فاز مؤخرا في مهرجان مسقط السينمائي الدولي، فيلم ناجي العلي في حضن حنظلة، الذي كتبته للمخرج الفلسطيني فايق جرادة، وانتجته شركة ميديا غروب، ما الذي أضافه لك هذا التتويج؟
أولا شرف لنا جميعا كمغاربة فوز هذا الفيلم بمهرجان مسقط السينمائي الدولي بجائزة الخنجر الفضي وسط مشاركات دولية متعددة، والتتويج ايضا كان بمهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي بجائزة احسن فيلم وثائقي. والفيلم تم اختياره ايضا في مهرجانات دولية اخرى، كل هذا يولد في قلبي فرحة خاصة، لان هذا التتويج هو في بداية مشوار كتاباتي السينمائية الوثائقية، مما يحفزني على المزيد من الكتابة في مجال الفيلم الوثائقي والروائي ايضا ان شاء الله. الكتابة عن ناجي العلي دليل على دعم المغاربة للقضية الفلسطينية العادلة والشعب المغربي وايضا كل المكونات السياسية والاجتماعية في المغرب تقف مع هذا الشعب الفلسطيني من اجل حصوله على حقه المشروع.
هل ترى معي بأن القضية الفلسطينية ما تزال محط اهتمام دولي كبير سواء على المستوى السينمائي او الثقافي وغيرهما؟
نعم هي قضية تاريخية عادلة ولاينبغي لقوة الزمن ان تنسينا واجبنا من اجل القدس ومن اجل فلسطينن والمغرب في شخص صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي يتشرف برئاسة لجنة القدس وفي المغرب، وغيره من البلدان هناك تفاعل قوي مع هذه القضية وفي مجالات سينمائية وتشكيلية ومسرحية الخ. الفن ايضا له وزنه من اجل القضية الفلسطينية.
هناك من يقول بان مستقبل السينما الوثائقية واعد، في المغرب والبلدان العربية، كيف ترى ذلك؟
فعلا أصبت في هذا الكلام، الفيلم الوثائقي لا زال في بداياته سواء في المغرب او في بلداننا العربية، مع وجود نسب مختلفة هنا وهناك. لابد من وضع ترسانة قانونية محفزة جدا للتعاطي مع هذا النوع السينمائي الجميل والمطور للذوق الفني والجمالي والمحارب للعنف والتطرف والمفيد تغيير وجهات نظرنا وتمثلاتنا وأحكامنا الثقافية والسياسية المسبقة. مجال خصب للتشغيل التقني والمهني والفني. لابد من ان يعاد النظر في صندوق الدعم للانتاج السينمائي وألا يبقى حكرا على الافلام الروائية فقط. فهذا حيف في حق الفيلم الوثائقي المغربي الذي ينبغي هنا ان نشتغل مستقبلا على قناة مغربية وثائقية خاصة بهذا الجنس الفني والثقافي والتربوي والجمالي.
خريبكة منطقة تاريخية وتراثية، لكنها لم تحظ بثقة المخرجين، لإنتاج أعمال وثائقية ترسخ لهذا المعطى في نظرك ما السبب ؟
المغرب بلد وثائقي بامتياز. بلدنا جميل وذاكرته التاريخية حية وخصبة، لدينا عمران وطرق غنية في العيش والطبخ والبسة تقليدية متنوعة الخ تاريخ عريق استحضر هنا افلاما لسي محمد بلحاج المخرج المغربي بقناة الجزيرة الوثائقية مثل فيلمه عن عبد الكريم الخطابي والمهدي بنبركة، باعتبارهما من الذاكرة التاريخية المغربية العريقة واستحضر افلاما اخرى مثل فيلم نبيل عيوش ارضي، وافلام يزة جنيني عن فن العيطة والملحون الخ، وافلام علي الصافي الخ ذلك من الافلام الوثائقية المغربية التي تؤكد ان لدينا مؤشرات قوية على امكانية احداث "صناعة فيلمية وثائقية" خصبة ومفيدة لمغرب منفتح وحضاري ومحب للفنون والقيم الانسانية الكونية، اذن خريبكة كباقي العديد من المدن المغرب تزخر بمؤهلات تجعلها محطة لتصوير افلام وثائقية كثيرة ما ينقص، الا المبادرات والدعم ليتحقق ذلك.
يرى العديد من المتتبعين بانك كنت وراء ميلاد العديد من المهرجانات السينمائية بالمغرب، وضح لنا الامر، وما الانعكاسات الإيجابية لمثل هذه المبادرات ثقافيا وتربويا وتنمويا؟
صحيح ساهمت في ولادة مجموعة من المهرجانات، فكلما طلبت مني خدمة ما في هذا المجال لا اتردد، ايمانا مني بكون المهرجانات لها دبلوماسيتها الفنية والثقافية المفيدة لوطننا، بحكم اننا بلد مستقر وآمن ومؤمن بلغة الفنون والثقافة ككل. اساعد في طرح افكار ومساهمات تنظيمية ونضع كل ما لدينا من تجربة متواضعة في التنظيم رهن اخواننا لان الرابح اولا واخيرا هو المغرب الذي نعتز جميعا بحبنا و انتمائنا له من طنجة الى لكويرة.
هل ترى معي ان النقد لا يواكب الاعمال السينمائية الوثائقية وهو امر مجحف في حق هذا اللون الابداعي الذي هو اصل السينما؟
النقد يواكب، ولكن لا نتوقع ان يسير النقد بنفس ايقاعات انتاج افلامنا الروائية او الوثائقية. النقد يحتاج نوعا من التأني والمشاهدة الفنية التفكيكية. هناك فعلا نوعا من التباعد بين المتابعة النقدية للافلام الوثائقية بالمقارنة مع الافلام الروائية، ولكن على العموم علينا ان نعتز بكون اقلامنا النقدية المغربية الفنية بشكل عام لها قدرة تحليلية نوعيةن ينبغي ان نوفر لها فضاءات ومجلات الكتابة الخ...
هل ترى معي بان دعم المركز السينمائي هو مجرد فتات قليل وذر الرماد في العيون وغير منصف للعديد من التظاهرات، في حين يغدق على البعض، هل تتفق معي بأن اللجن موضوعية إلى حد ما؟
في اعتقادي ان فكرة الدعم من طرف الدولة للمهرجانات والافلام، فكرة جيدة جدا، هذا دليل على رغبة الدولة في دعم ما هو سينمائي. قد نتفق او نختلف مع طرق دعم المهرجانات، لكن ما هو مفيد هو ضرورة ان ندعم المهرجانات السينمائية الموجودة في مدن مغربية بعيدة، ومناطق تحتاج لهذا الدعم من اجل ترويج ثقافة سينمائية روائية ووثائقية. هناك مهرجانات قليلة ودولية كبرى تلتهم معظم هذه الميزانية، وفي اعتقادي ينبغي ان نخرج هذه المهرجانات الكبرى التي لها امكانيات مالية كبرى وعلى القطاع الخاص ان يتحمل مسؤوليته هنا، وتبقى هذه الامكانيات المالية للمهرجانات الصغرى والمتوسطة الخ. في جميع الحالات الامور هي بمثابة تجربة مهمة لوطننا بالمقارنة مع بلدان عديدة.
بخصوص المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي أين وصلت الاستعدادات لاستقبال ضيوف الدورة الجديدة؟
نحن نشتغل وننتظر ردود الشركاء مثل المجمع الشريف للفوسفاط الذي لا زلنا لم نتوصل برده والشيء نفسه بالنسبة للجنة الدعم حيث برمجنا للترافع عن ملفنا خلال شهر يوليوز، وايضا وضعنا ملفنا لدى جهات عمومية اخرى كعمالة اقليم خريبكة والجماعة الحضرية الخ وننتظر الردود وفي ضوئها سنقرر طبيعة كافة خطواتنا التنظيمية وفقرات المهرجان الخ. المهرجان لعب دورا كميا ونوعيا في التعريف بمدينتنا ووطننا وثقافته وهويته وقيم الاسلامية المعتدلة والسمحة، وساهمنا ايضا في التعريف بقضايا التحولات الايجابية التي تعرفها بلادنا وكل اشكال الاستقرار والحرية والانفتاح. راكمنا تجربة تنظيمية مهمة وهي في الاصل تطوعية.
ما جديد الدورة، وما الذي سيميزها؟
اليابان هي الدولة الصديقة التي سنحتفي بها، وهناك مفاجئات جميلة على مستوى الاسماء التي ستشارك وطبيعة الدول وطبيعة الندوة الرئيسية وكتاب مهم سيتم توقيعه بهذه المناسبة، وسيكون المهرجان مباشرة بعد عيد الاستقلال أي من 19 الى22 نونبرالمقبل ان شاء الله.
هناك فقرات أصبحث ثابتة في المهرجان كفقرة تكريمات شخصيات من داخل وخارج ارض الوطن وفقرة الندوة الرئيسية واللقاءات المفتوحة بين الطلبة والمهنيين والمسابقة الرسمية ومسابقة الهواة وحفل توقيع بعض الاصدارات الخ. الجديد توقيعنا لكتاب فني قيم ان شاء الله ساهمت فيه جمعية المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة. سنحاول ان يكون تكريم اليابان تكريما يتساير وثقافة هذا البلد الذي نجح في الربط بين التكنولوجيا وهويته الثقافية. سننفتح على موضوعات نوعية على مستوى الندوات، وايضا سنجلب اسماء وازنة في المسابقات الرسمية، وهاجسنا هو اشراك بعض الدول التي لم يسبق لها ان شاركت في دورات سابقة.
ماهي آثار المهرجان داخل المدينة وعلى مستوى الوطن ككل؟
اظن ومن زاوية اقتصادية صرفة نعتز في كوننا اصبحنا حلقة وصل بين المهرجان وبين زيارة الاجانب للعديد من المدن المغربية السياحية، اي ان المهرجان اصبح يساهم في جلب ليال سياحية لاقتصادنا المغربي. معظم المخرجين يزورون مجموعة من المدن قبل عودتهم لاوطانهم ونساعدهم هنا ونرشدهم للتوجه لبعض المدن المغربية كشفشاون وطنجة ومراكش واكادير وورزازات والصويرة الخ. نساهم في تنمية ثقافية واجتماعية داخل المدينة، نحرص على صرف كافة مداخيلنا بالمدينة من طباعة وفندقة وخدمات اخرى متعددة. نروج لصورة مغرب متحول جميل محب للفنون والثقافة وحقوق الانسان وهامش مهم من الحرية الابداعية. نبرمج كل شيء كجمعية دون تدخل اي طرف مدعم لنا او غير مدعم لنا، وهذا دليل على حرية التنظيم والتفكير وبرمجة ما يبدو لنا مفيدا للجمهور. الكثير من الطلبة والحضور والجمهور والمثقفين الخ ساهمنا في ربطهم ثقافيا وتعارفوا هنا بخريبكة واستمرت العلاقات وفق الروابط التكنولوجية الجديدة. عرفنا بمدينة خريبكة وبكونها ليس فقط مدينة فوسفاطية بل هي ايضا مدينة محبة للسينما. استفاد العديد من المهتمين بفرجة وثائقية مفيدة من الصعب الحصول عليها خارج المهرجان. وبجانب كل هذا نحن نتعلم ونحاول تحسين منتوجاتنا بشكل مهني ووفق لما هو متاح من امكانيات مادية ومالية وبشرية. راكمنا خبرة مستحسنة في فهم ما يجري في عالم الفيلم الوثائقي عالميا، ساهمنا في نقاش اعلامي متنوع، من اجل التعريف بالفيلم الوثائقي في وطننا العزيز وجعله اداة من ادوات المثاقفة، واظن اننا جاهزين لوضع تجربتنا في ميزان المحك النقدي ، من يعرف ما معنى تنظيم مهرجان دولي وما يحتاجه من امكانيات واستعدادات، يقدر ما نقوم به، لاسيما وان لدينا انشغالات اخرى مهنية وعائلية احيانا نضحي بما هو عائلي من اجل نزع لحظة اعتراف من الناس.
ما وعدك للجمهور بأن الدورة المقبلة ستكون متميزة؟
ان شاء الله هناك مفاجأة قوية وقوية جدا في الدورة السادسة افضل الحفاظ عليها الى حين قرب الدورة 6 ان شاء الله. نشكر كل الذين ثاقوا فينا منذ البدء نشكر المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وعمالة اقليم خريبكة والمجمع الشريف للفوسفاط والمركز السينمائي المغربي والجماعة الحضرية وقناة الجزيرة الوثائقية وكل القطاعات الادارية بالمدينة وكل الاشخاص الذاتيين الذين شجعونا وادركوا صعوبة المسؤولية. ان الرابح الاول والاخير هو مغربنا العزيز. الشكر موصول للاعلام المحلي الورقي والالكتروني والاعلام الوطني ايضا والاعلام والقنوات الاجنبية التي غطت المهرجان ونقول للجميع نحن نتعلم وكما يقال في لغة علوم التربية، للانسان الحق في الخطأ، وايضا الحق في الحلم بتجاوز الخطأ.
حلمك؟
أن أرى الفيلم الوثائقي داخل مدارسنا وجامعاتنا ومعاهدنا المغربية وقد اصبح وسيلة للتنشيط الثقافي والفني ووسيلة للتعلم والتفكير، حلمي ايضا ان ارى قناة مغربية وثائقية، واشتغل فيها ما تبقى من عمري ان شاء الله لاسيما وانني كأستاذ باحث ينتمي للتعليم العالي، راكمت ولله الحمد تجربة متواضعة ورابطة بين ما هو أكاديمي وما هو فني وثقافي مجتمعي.