أضاء الفنان التشكيلي خالد لطفي، مساء الجمعة الأخيرة 27 من شهر دجنبر 2012، مصابيح فنية جميلة بالعاصمة الرباط، وذلك من خلال، افتتاحه لمعرضه الجديد، بالمقهى الأدبي (المثلث الأحمر)، والذي أطلقه تحت شعار"أضواء المدينة"، على مدى عشرة أيام.
وبهذه الاضاءات الفنية الزاهية، التي تضيء مختلف اللوحات باختلاف ألوانها وإحجامها، يقدم الفنان للجمهور، بتقنية جديدة لا تخلو من مهارة ممتعة، آخر ما جادت به قريحته الفنية، على شكل أضواء، تشتعل بألوان دافئة في هذا الموسم البارد، كما يزرع الفنان مصابيح تشكيلية، تتوهج حسنا، في مختلف دروب المدينة التي يحلم بها، لتتحول، اللوحات إلى حدائق تزهو بألوان الطيف، وتلألأ كالبلور على صفحات الماء، في مرايا مصقولة بالسحر والانتشاء.
ويشكل معرض لطفي، الذي حضره افتتاحه لفيف من الفنانين والإعلاميين، وعشاق الفن التشكيلي الرفيع، حوارا راقيا بين اللون والروح المرحة، وعناق تجريدي وشاعري بين الشكل والمضمون، لتصير اللوحة التشكيلية عند هذا الفنان، إلى نوع من الموسيقى الراقصة، التي تبتهج بفوح الياسمين، وعبير البحر، حين يتنفس بشموس الأحلام.
ان مجمل أعمال الفنان في هذا المعرض، حوار دفين بين الضوء وانعكاسه الساحر الى الأمكنة والأشياء والموجودات، وبخاصة أثناء الله، وهو ما يحول اللوحة الى ثمار من اللون الزاهي، لها صورا بهية لا تمل العي من تاملها، والبحث فيها عن سر هذه اللطافة والوداعة التي، اوجدها الفنان في كل لوحة، انها باكورات من الأزهار الرومانسية تهدى في أعياد الميلاد،، واضمومات من الورود الملونة، حين تزهو بعبق الربيع.
ان تجربة الفنان من خلال هذا المعرض الجديد، مبادرة خلاقة لما يسمى بالانطباعية المعاصرة، حيث تضيء تلك الأضواء المتلألئة مختلف فضاءات المدينة/الرباط، بحثا عن الجمال فيها. تجربة تستمد قيمتها الفنية من المرجعية الانطباعية لكنها مصاغة في قالب فني، يحتفي بالأساس بكل ما يرتبط بالمدينة والحضارة، في إشارة الى مظاهر التمدن والعصرنة، حيث الإضاءة فيها تتحول الى سحر في مواقيت ليلة متفرقة، مفعمة بالصمت والسكينة والانبهار.
بهذا العمل الجديد، يتحول الفن التشكيل عند خالد لطفي، الذي نظم معارض عدة فردية وجماعية، إلى بحث مستمر، بعدما جاور في أعماله السابقة كل ما هو انطباعي وتشخيصي، وله علاقة بالصناعة التقليدية والحرف اليدوية المغربية الأصيلة، ليكون معرضه الجديدة انفتاح على عالم جديد من الألوان، والأشكال، ومظاهر التمدن والتحضر، في قوالب مضاءة، لها اشراقات النور والشمس والقمر، وقناديل السحر والأحلام.
ان اعمال الفنان لطفي من خلال هذا المعرض، عقد بلورية في عز الربيع، تفخم جيد العذارى والحوريات، سراب، بهي يتراقص، في ظلال الماء، كأنه المحار، حركات ريشة مبهرة، ترسم الهادئ البنفسجي الشفيف، وتبحث بتقنية مغايرة، عن متعة بصرية يبتغيها المتلقي والجمهور.
ويستحضر الفنان بالمناسبة، في حس شاعري دافئ، العديد من فضاءات الرباط، ومنها باب الأحد، وصومعة حسان، بحدائقها المضاءة بالوان زاهية، وهو ما حول المدينة الأطلسية، إلى عاصمة الأنوار لا تنطفئ عنها الأضواء المشعة بألوان الحياة، طيلة أيام رأس السنة، ولوحاته إلى منارات تضيء بنور الألوان في صورة شاعرية لا تقاوم.