نظم فرع بني ملال والفقيه بن صالح لاتحاد كتاب المغرب ، بتنسيق مع جمعية آباء وأولياء تلاميذ وتلميذات ثانوية ابن خلدون الإعدادية بالفقيه بن صالح لقاء مفتوحا مع الكاتب الحبيب الدائم ربي ، على الساعة الثالثة زوالا ، بقاعة العروض بنفس المؤسسة . تقدم في البدء مسير الجلسة الأستاذ محجوب عرفاوي بكلمة ترحيبية بالحضور بمختلف صفاته وأسمائه ، مؤكدا على أهمية الثقافي في ساحات المؤسسة التربوية في انفتاح على الكتاب للاستئناس ، قصد مواصلة المسير على ضرب الكتابة الطويل . في هذا السياق قدم الحبيب الدائم ربي كسيرة غنية بالعطاء القصصي والروائي،هذا فضلا عن حضوره و فعاليته في المشهد الثقافي المغربي والعربي.
القاص والروائي مسعود الجاحظ الصغير أسهم بإضاءات في مجموعة " الرجل التي . "،منها ما يتعلق بصياغة العنوان التي خرقت الترتيب النحوي واللغوي المألوف كأن الأمر يتعلق باندغام الرجل والمرأة في جسد الكد والكفاح اليومي . كما توقف العارض على التناص أي حضور محاورات في " الرجل التي .." بكيفية سردية مع متون أدبية وشفوية. هذا فضلا عن توظيف الدارجة كمدخل من مداخل الحكي ، معتبرا في الأخير هذا الإصدار قامة سردية تقتضي قراءات عديدة ، نظرا لممكناتها اللغوية والتخييلية بحكم تعدد اهتمام الكاتب ودرايته الدقيقة بالأطر النقدية .
القاص والشاعر عبد الله المتقي تناول ملمح السخرية في " الرجل التي .." ؛ معرفا في البدء بالسخرية في الأدب التي تتخذ من المفارقات منطلقا للصياغة وقلب الوظائف التعبيرية ، لمنح دلالات جديدة . وبالتالي فالملمح الساخر يحضر كمرتكز أساس في هذه المجموعة ، استنادا على شخوص موغلة في اليومي الزاخر بالتناقضات . فالسخرية كما يعرض عبد الله المتقي التي نتشربها في هذه المجموعة من خلال قصص تشخص وتبرز، توجه نقدا لاذعا بكيفية فنية لجوانب عديدة في حياتنا المعاصرة. وبالتالي قد نضحك ( في حاجة لذلك ) من هذا المشهد القاتل المحيط بنا .
الأستاذ عبد الغني فوزي تناول توازي سؤال الواقع والكتابة في نفس المجموعة ، معرفا بصياغة العنوان . فالواقع قد يساق كسؤال في الكتابة والتخييل السردي من خلال إعادة التشكيل . فقصص المجموعة في متنها تمتص الهامشي ،في استحضار لأبطال منسيين يعاركون الحياة بشفرات وقول حكيم ينم عن خبرة وتجربة . واعتمدت المجموعة في مبناها على آليات سردية منها الاهتمام باليومي ، السخرية ، الدارجة ، التناص ..والكاتب بهذه الصيغ الجمالية ، أضاف لمسة فنية خلاقة ـ للمتن السردي المغربي والعربي ـ في حاجة دائمة إلى الكشف والمحاورة .
الكاتب الحبيب الدائم ربي أدلى بكلمة مكتنزة في هذا اللقاء ، مركزا فيها على أساسيات الكتابة منها المقروء وهو بذلك لا يتصور كاتبا بدون خلفية وأفق ، إضافة إلى التجربة الحياتية . فالكاتب يعيش في تفاعل ونظر ..هذا فضلا عن اشتراطات وإرغامات الكتابة ، باعتبارها دربة ومراسا لا تتأتى لأي ، بل الأمر في المحصلة يقتضي تدريبا ومراكمة . لأن لا أحد يولد على ما هو عليه الآن . فوجب الاستعداد والاهتمام..
وتلت الأوراق المقدمة أسئلة وإضافات من طرف الحضور؛ تمركز أغلبها في مسار الكاتب الحبيب الدائم ربي ابتداء من طفولته ونقطة الكتابة الأولى إلى لحظته الراهنة واشتغاله الدؤوب . فكان في المقابل الحبيب الدائم ربي يقدم أفكارا نيرة للحضور وأغلبه من التلاميذ حول مطبخه الداخلي في الكتابة ، فكانت بعض الشرارات مفضية لخلق أدبي أول ـ كعلاقتة بالكتب واشتباكه بالحياة ـ سرعان ما تبلور . مؤكدا على أن الكتابة ليست ملكا لأحد ، بل مفتوحة في وجه الكل ؛ لكن لا بد من جهد واشتغال ، لثأثيث مجرة الكتابة والإضافة إليها عوض الاجترار والمراوحة.