جوائز الدورة الرابعة: وتباين في الأفلام السابقة الرسمية
احتضنت سينما الخيمة ليلة الاثنين 7 أكتوبر 2013 حفل اختتام فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان كلميم السينمائي والذي تنظمه جمعية الشباب المبدع بكلميم بتتويج فيلم "وأنا" للمخرج الحسين شاني بالجائزة الكبرى للمهرجان والخاصة بالأفلام القصيرة"، كما فاز بجائزة لجنة التحكيم للمهرجان فيلم "الطابق السابع" للمخرج عبد الإله العلوي، فيما نال فيلم "محفظة النجا" للمخرج محمد تسكمين جائزة الجمهور. وقد تباينت مشاركات الأفلام المختارة ضمن القائمة ال17، إذ توزعت ما بين الأفلام القصيرة التي تحظى بحرفية خاصة ووعي بعناصر التعبير الفيلمي، في حين توزعت فئات أخرى بين جنس الفيلم التربوي، وأفلام جرب أصحابها مستويات معرفيتهم الأولية بالفن السينمائي. الفيلم المتوج "وأنا" حظي بإجماع لجنة التحكيم، والمتكونة من السينمائي داوود أولاد السيد رئيسا والناقد السينمائي أحمد سجلماسي والإعلامي والناقد السينمائي عبدالحق ميفراني، واستطاع المخرج الشاب الحسين شاني أن يتفوق الى حد بعيد في إخراج فيلم قصير بمقومات جمالية راعت حبكة السيناريو وحرفية خاصة في توظيف تقنيات اللغة السينمائية. وهو ما أشر فعليا على رهان المهرجان في الانتصار لسينما المستقبل.
وعلى مدى أربعة أيام، عاشت مدينة كلميم فعاليات الدورة الرابعة لمهرجانها السينمائي والذي نظمته جمعية الشباب المبدع تحت شعار "إبداع يعانق موطنا"، وشارك في هذه التظاهرة 17 فيلما قصيرا للهواة. اختارتهم لجنة المعاينة وأشرفت لجنة مكونة من فعاليات محلية مهتمة بالمجال السينمائي على عملية الانتقاء، وترأس هذه اللجنة الدكتور عبد المالك بنموسى الرئيس الشرفي للمهرجان.
وتدور أحداث فيلم المخرج الحسين شاني، الذي تم تتويجه بالجائزة الكبرى، حول "تمرد طفل يعاني من معاملة والده السيئة الذي يمتهن صناعة الطوب الاسمنتي"، وقد شهد حفل الاختتام احتفاءا خاصا بضيوف المهرجان وهم الى جانب أعضاء لجنة التحكيم {السينمائي داوود أولاد السيد، والناقد السينمائي أحمد سيجلماسي، والإعلامي والناقد السينمائي عبد الحق ميفراني} كل من الممثل والمخرج عبد الكبير الركاكنة، والمخرج عز العرب العلوي صاحب الفيلم المتميز "أندرومان"، وذلك تقديرا "لجهودهم القيمة في إنجاح هذه التظاهرة وما قدموه للفن والسينما المغربية من عطاء ووفاء".
أفلام وأفلام موازية وحضور جماهيري لافت
عرفت سينما الخيمة حضورا جماهيريا كثيفا ومتعطشا وبشكل يومي لمتابعة فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان، والذي تضمن الى جانب تقديم أفلام المسابقة الرسمية، عرض أفلام روائية ووثائقية متنوعة لمخرجين مغاربة من بينها فيلم "الجامع" للمخرج داود اولاد السيد، و"اندرومان" للمخرج عز العرب العلوي، و"عيون بدوية" للمخرج حسن خر، و"بلاستيك" للممثل والمخرج عبد الكبير الركاكنة. وبموازاة مع العروض السينمائية، احتضنت المكتبة الوسائطية بكلميم ندوة حول موضوع "السينما والنهوض بحقوق الإنسان"، بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وساهم فيها كل من الأستاذ توفيق البرديجي رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان طانطان كلميم وذ. عبدالمالك ليديربي عضو اللجنة الجهوية ورئيس فرع جمعية الشعلة الى جانب مشاركة الناقد أحمد السجلماسي وأدار هذه الندوة بورقة تقديمية الناقد عبدالحق ميفراني. وحاولت الندوة أن تقوي تلك الدينامية الوطنية حول موضوع السينما وحقوق الإنسان، ومحاولة تجسير الهوة بينهما، لذلك شكلت أرضية مناسبة للنقاش بين فاعلين وباحثين في مجالي السينما وحقوق الإنسان. ولو أن الشريط الوثائقي حضر بقوة في مداخلة المشاركين، في حين ركزت الكثير من مداخلات الحضور على البعد الحقوقي والسياسي في تناولهم لهذين المجالين. وتمة خلاصة أساسية أفرزها النقاش العمومي، لم تستطع السينما المغربية استلهام الكثير من الكتابات حول "سنوات الرصاص" ضمن أفلام تحمل رؤى عميقة، اللهم تلك الرؤية السطحية التي قدمها أفلام أشبه ب"الموضة". واحتضنت نفس القاعة درسا سينمائيا قدمه السينمائي داوود أولاد السيد، قدم من خلاله تصوره الجمالي للسينما، للفيلم ولفعل الإخراج وقد استطاع المخرج أولاد السيد بتلقائيته وبساطة حمولاته المعرفية عن السينما، خصوصا أنه انطلق من تجربته الشخصية، أن يجعل من درس السينما شهادة وسمها ب"الفيلم رؤية" داعيا السينمائيين الشباب الى ضرورة الإجابة أولا عن سؤال "لماذا أرغب أن أخرج فيلما؟" الى جانب قراءة تاريخ السينما. وقام الفنان عبدالكبير الركاكنة بتأطير ورشة في السيناريو والإخراج السينمائي لمجموعة من الطلبة والمستفيدين والمشاركين في المهرجان من سينمائيين شباب، وكانت مناسبة للاقتراب من أبجديات أولية في تقنيات الإخراج السينمائي.
وانطلقت الجمعة 4 أكتوبر، فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان كلميم السينمائي والذي تواصل على مدى أربعة أيام وتم خلال حفل الافتتاح عرض فيلم قصير بعنوان "عيون بدوية " للمخرج حسن الخر والذي كرمته الجهة المنظمة حيث سلم له ذرع التكريم. ويعتبر المخرج من الفاعلين في المجال السينمائي وهو صاحب شركة "دلتا للانتاج" والتي يوجد مقرها بمدينة العيون، وهي الشركة التي قامت وتقوم بتنفيذ انتاج العديد من برامج تلفزة العيون الجهوية، سواء مجموعة من الأعمال الوثائقية القصيرة "أمنير" و "عين على المجتمع"...، وأخرى حول المؤهلات السياحية لاقليم طانطان وجهة كلميم السمارة وجهة وادي الذهب كما أخرج حلقتين من سلسلة أمودو الوثائقية هذا بالإضافة الى ترأسه لخلية التواصل بموسم طانطان سنة2005 ، المنظم من طرف اليونيسكو، وسبق أن توج فيلمه الوثائقي القصير "هودج الدموع" سنة 2008 بجائزة الابداع الذهبية لأحسن اخراج بمهرجان الاعلام العربي بالقاهرة..
كما شهدت فعاليات المهرجان والى جانب تقديم أفلام المسابقة الرسمية، تقديم عروض سينمائية موازية قدمها مخرجوها، نذكر هنا فيلم " اندرومان " لمخرجه عز العرب العلوي وفيلم " الجامع " للمخرج " داود ولاد السيد". فيلم "أندرومان" والذي شكل اكتشافا مذهلا لتجربة سينمائية جديدة في المشهد السينمائي المغربي اليوم، سبق أن توجت بطلته الممثلة جليلة تلمسي بجائزة أحسن دورة نسائي في كل من مهرجان طنجة للفيلم وفي مهرجان الاسكندرية السينمائي. وهو تتويج أيضا لتجربة سينمائية يقودها المخرج عزالعرب العلوي والذي رسم بهذا الفيلم على خصوصية "مغربية" لسينما تنتصر للقيم. ولو أن الفيلم يتجه للدفاع عن قضية مركزية تتمثل في حق المرأة في الحياة والوجود.
مفارقات كلميمية
يمثل مهرجان كلميم السينمائي ثاني محطة وطنية ودولية كبرى تنظم في المدينة بعد مهرجان كلميم الدولي لمسرح الجنوب والذي تشرف عليه جمعية أدوار للمسرح الحر. وهو ما يجعل من المدينة، بوباة الصحراء، ملتقى للفن بامتياز ويمكنها من التواصل المباشر مع نجوم الفن، وذلك إشباعا لرغبة جمهور بالمدينة في فرجة منفتحة على عوالم وثقافات جديدة. وكما حدث مع الدورة الثانية لمهرجان كلميم الدولي لمسرح الجنوب، وجدت جمعية الشباب المبدع بكلميم نفسها وهي على مقربة من تنظيم الدورة الرابعة لمهرجانها السينمائي وحيدة تناضل الى آخر رمق للبحث عن التمويل اللازم لتنظيم التظاهرة. ورغم أن المدينة تضم مركبا ثقافيا كبيرا يحتوي على قاعة للعروض بكافة اللوجستيك الضروري وعلى قاعات الندوات وكافة الوسائل والأجهزة، إلا أن الإطارات الجمعوية بالمدينة تجابه بالرفض كلما تقدمت بطلبها للجهات المسؤولة. بل وصل الأمر الى رفض فتح قاعة الجهة لاحتضان ندوة المهرجان، علما أن القاعة عمومية ومؤطرة بظهير يخول للجمعيات الاستفادة من خدماتها.
لقد وجدت جمعية الشباب المبدع بكلميم، كما حدث سابقا لجمعية أدوار للمسرح الحر، وقبيل انطلاق المهرجان في صراع شبه يومي مع تمويل التظاهرة وتراجعات وعود المسؤولين في المدينة والى حدود لحظة الافتتاح، وفي الوقت الذي كان يحج جمهور غفير من مختلف الأعمار لسينما الخيمة والتي تضم 700 مقعد، ويظل الباقي خارج القاعة ينتظر فرصة الدخول، ظل المسؤولون المحليون لا يلتقطون إشارة التحولات اليوم، ولا يفهمون قدرة الفعل الثقافي والفني على صهر الشخصية المغربية في بوثقة فعل المواطنة المسؤولة. وهكذا تحول حلم الجمعية الى تأسيس دورة جديدة مضافة من شأنها تعزيز رصيد الدورات السابقة، خصوصا بعد ثلاث دورات ناجحة، وإرادة قوية في وضع مهرجان كلميم السينمائي ضمن أجندة أبرز الملتقيات الوطنية ومحطة سنوية لإشاعة الثقافة السينمائية ومناسبة للتنشيط الثقافي لمدينة كلميم. تحول هذا الهم الكبير الى محاولة نجحت بإرادة شبابية ودعم جمعيات وجمهور كلميم لها، وكم كان مؤثرا أن تقوم جمعية بتحمل حفل غذاء على شرف ضيوف المهرجان جمعية أخرى في لفتة إنسانية نبيلة بل وأن تتدخل جمعية ثالثة لتسديد بعض نفقات الفندق، فهذا ما أعطى لحمة قوية للنسيج الجمعوي الكلميمي والأمل في المستقبل بمسؤولين جدد يعون اللحظة التاريخية اليوم.