-1-
قَلْبُكِ أَوْصاني فَاتَّخَذْتُهُ لِلرّوحِ خَليلاً،
وامْتِدادًا ضَوْئِيًّا لِلْإنْتِشارِ في رِحابِكْ،
فَخَرَجْتُ مِنْ جَسَدي،
مِن ضَوْضاءِ بَلَدي،
وتِجارَةِ البَشَرِ،
وَسَكَنْتُكِ.
-2-
قَلْبُكِ هَداني فاتَّخَذْتُهُ إِمامًا لِلْمَحَبّة،
ومِحْرابًا كَوْنِيّا لِمُناجاةِ سَكينَةَ روحِكْ،
فَزَرَعْتُ لي نَخْلَةً في مَداراتِ عَيْنَيْكِ،
وزَرَعْتُ لَكِ شَجَرَةَ حور في حَنانِ يَدَيّا،
كَيْما نَرْحَلَ بَعيدًا .. بَعيدًا .. !
في حَريرِ السّنابِلِ والنِّسْرينْ،
وهَمْسِ العَسَلِ والياسَمينْ،
وعِطْرِ النُّشورْ.
-3-
قَلْبُكِ أَبْصَرني فيكِ مِصْباحَ الآيَة،
فَأَجْرَيْتُ دُرَرَهُ فيكِ سُوَرَ نورْ،
وخُيوطًا بَنَفْسَجِيّةً لإِنارَةِ المَنارَة،
وهالَةً مَلائِكِيّةً عَلَيْنا تَدورُ .. تَدور ..
كالأَفْلاكِ أَحْلامُكِ ضَحِكًا وسُرورْ،
تَدورُ عَلَيْنا أَقْمارُها شُموعًا،
وحَلَقاتُ حورٍ وبُخورْ...
-4-
قَلْبُكِ أَلْهَمَني غِنائِيّة الخُلودْ،
فأَصْبَحْتُ بِكِ خارِجًا عَن دائِرَةِ الوُجودْ،
بلِا حُدودٍ وَلا قُيودٍ ولا صورَة،
كالخَيالِ بِكِ لَكِ زائِرْ،
وعابِرٌ بِكِ وفيكِ سائِرْ،
كَعِقْدِ فَريدْ،
بِصَدْركِ دائِرْ.
-5-
كُنْتُ أُمِّيًّا فَعَلّمَني الإِلْهامَ قَلْبُكِ،
وعَلّمَني الفِراسَةَ في مَلامِحِ وَجْهِكِ،
فاكْتَشَفْتُ أَجْمَلَ حِكايَة،
وأَبْهى حَديقَة،
في بَريقِ عَيْنَيْكِ.
قَلْبُكِ عَلّمَني،
المَشْيَ بِلا أَقْدامْ،
والطّيَرانَ بِلا أَجْنِحَة،
والقِراءَةَ بِلا كَلامٍ... فيكِ.