في إطار أنشطتها الثقافية ولقاءاتها الفكرية الدورية، تنظم جمعية الفكر التشكيلي بتعاون مع مديرية الفنون بوزارة الثقافة مؤخرا محاضرة تخصصية يلقيها الفنان والناقد التشكيلي ابراهيم الحَيْسن في موضوع: "تجربة الجسد في الفن التشكيلي المغربيبرواق باب الرواح بالرباط. يتضمن المطوي الإخباري لهذه الندوة الورقة التقديمية التالية:
كيف عالج التشكيليون المغاربة تيمة الجسد؟..ولماذا قدّمه الكثير منهم في صورٍ رامزة تخفي العديد من إيحاءاته الجنسية وتحجب مواضع الغواية المتحوّلة على إيقاع تضاريسه الحسّاسة ومفاتنه الخاضعة لقوّة التحريم وعنف السلطة، قبل أن ينتصر لكبته ويتحرّر من رمزيته..ليبرز عاريا مطروزا بمفردات جمالية مستعارة من مرجعيات بصرية متعدّدة..أو ممزّقاً..متشظّياً ومسلوخاً بشكل يثير التقزّز والاشمئزاز..
الجسد في التشكيل المغربي المعاصر، علامة أيقونية ترسم في معانيها وأبعادها الدلالية ملامح القهر والاضطهاد والقتل الرمزي ومصادرة الحلم..وصورة محرجة تعكس الاغتراب الداخلي الذي ينخر وجداننا الجمالي المشترك..
على هذه الخلفية الجمالية، برزت مجموعة من التجارب التشكيلية المغربية التي كان لها سبق الممارسة والتي قدمت الجسد في صور ومرائي مختزلة ذات أبعاد جنسية. ومن ذلك تجربة الفنان فريد بلكاهية الذي تظهر الأجساد في لوحاته في هيئة أشكال ملتوية ومتموجة وحرة عائمة في الفضاء متباعدة أحيانا..متلاحمة أحيانا أخرى على طريقة الذكر والأنثى. أضف إلى ذلك، التجربة التصويرية الأولى للفنان محمد حميدي المليئة بالرموز الجنسية والإيروتيكية، كما يجسد ذلك توظيفه الصوفي للعلامات والرموز المستعارة من رحم الثقافة الشعبية المغربية.
ثم هناك الراحل محمد القاسمي الذي تميز بإعطائه الجسد/الجسد المسلوخ أبعادا تشكيلية أخرى، تتجلى في تلك العلامات والرموز المتطايرة والمتلاشية التي تغطي فضاء اللوحة، قبل أن يعود إليه بقوة في مراحل صباغية موالية وبمعالجة تشكيلية أكثر إيروتيكية. كذلك الفنان عزيز سيد الذي حاول، بكثير من البداهة الإبداعية، الاشتغال على الجسد العاري المنهوك والمحطم..الجسد الذي لا يحمل هوية صاحبه (إخفاء الوجه) والذي لا تنقل منه اللوحة إلى القارئ سوى بعض تمثلاته الجسدية وحركاته الجسمانية المعبرة..
من التجارب الصباغية المغربية الأخرى التي قدَّمت الجسد في صور تعبيرية متنوعة، يجدر بنا ذكر تجربة الفنان سعد بن شفاج، ميلود لبيض، بغداد بنعاس، محمد الدريسي، محمد أبي الوقار، عباس صلادي، محمد خصيف، شفيق الزكَاري، بوشتى الحياني، حسين موهوب، عبد الكبير البحتوري، عبد الكريم الأزهر، المنصوري الإدريسي سيدي محمد، سعد الحساني، سعيد حسبان، الحسين إيت أمغار..وآخرين.
بمناسبة هذه المحاضرة التخصصية، يوجد للناقد ابراهيم الحَيْسن كتاب تحت الطبع بعنوان: "الأيقونة..والجسد/ نماذج من الفن التشكيلي المغربي"، وهو من القطع المتوسط يتضمن ملزمة لصور فنية إيضاحية لأعمال تشكيليين مغاربة مرموقين.