امتلأت قاعة قصر البلدية بسطات عن آخرها مساء الثلاثاء تاسع أبريل الجاري بضيوف المهرجان الوطني لفيلم الهواة من مخرجين ونقاد وفنانين وصحافيين وجمعويين وعشاق السينما عموما بالإضافة الى ممثلي السلطات المحلية والمجالس المنتخبة والتظاهرات السينمائية المختلفة وغيرهم . وقد نشطت حفل الافتتاح باقتدار ملحوظ الإعلامية الإذاعية المعروفة فاطمة يهدي التي ظلت تنسق بين فقرات هذا الحفل الإفتتاحي المختلفة بعباراتها الجميلة وحركاتها المتزنة وابتسامتها اللطيفة .
انطلق حفل افتتاح الدورة السابعة للمهرجان في وقته المقرر أي في السابعة والنصف مساء مباشرة بعد حضور الأستاذ بوشعيب المتوكل ، والي جهة الشاوية ورديغة وعامل إقليم سطات ، والوفد المرافق له . وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الاحترام الكبير الذي يكنه السيد الوالي لمنظمي هذه التظاهرة السينمائية المعروفين بجديتهم وعمق تفكيرهم وقدرتهم على تنشيط الساحة السينمائية والثقافية محليا وجهويا ووطنيا . استمع الحاضرون في البداية إلى كلمات السادة مصطفى الثانوي ، رئيس المجلس البلدي لمدينة سطات ، ومصطفى القاسمي ، النائب الأول لرئيس مجلس جهة الشاوية ورديغة ، وضمير اليقوتي ، رئيس جمعية الفن السابع بسطات ومدير المهرجان ، التي أجمعت كلها على أهمية هذه التظاهرة التي تتطور من دورة لأخرى وقدرتها على ترسيخ تقليد ثقافي وفني له خصوصيته يتمثل في خلق فضاءات لهواة السينما بالمغرب للتباري والتكوين والحوار والتواصل وتبادل التجارب والخبرات والاحتكاك بالمحترفين . واعترافا بعطاءات أصدقاء المهرجان والجمعية المنظمة له السادة رشيد عزمي ، شخصية رياضية وجمعوية دعمت المهرجان وجمعية الفن السابع ماديا ومعنويا ، وعبد الرزاق غازي فخر ، قيدوم حركة الأندية السينمائية بالمغرب كرمه المهرجان في دورته الثالثة سنة 2009 ، وخالد الراوي ، منشط ثقافي وجمعوي بسطات ، رحمهم الله ، الذين وافتهم المنية في الشهور الأخيرة ، تم عرض شريط فيديو يذكر بصورهم ووجوههم التي ستظل راسخة في القلوب ، كما تم الوقوف دقيقة صمت ترحما عليهم . ويمكن اعتبار إنجاز وعرض هذا الشريط القصير بمثابة تحية صادقة لأرواحهم الطاهرة .
بعد ذلك تم التعريف بفقرات البرنامج العام للدورة السابعة للمهرجان وبأعضاء لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لأفلام الهواة المكونة من المخرج عز العرب العلوي لمحارزي ، رئيسا ، والناقد السينمائي محمد باكريم والممثل زكريا عاطفي والجمعوي السينمائي عبد اللطيف الركاني ، كما تم التعريف بمؤطري المحترفات الخمسة : لطيفة نمير في المونطاج الرقمي و حسن بنعبو في التصوير السينمائي وعبد الله الوزاني في الصوت ويوسف أيت همو وعبد القادر المنصور في كتابة السيناريو. وبمناسبة انفتاح دورة 2013 على سينما الهواة بتونس من خلال فقرة بانوراما تم الاستماع الى كلمة الأستاذ رضا بن حليمة ، باعتباره ممثلا للجامعة التونسية للسينمائيين الهواة ، ذكر فيها بأهمية سينما الهواة ودور جامعتها بتونس في تخريج مبدعين كبار من عيار رضا الباهي وسلمى بكار وفريد بوغدير وغيرهم . كما أشار إلى أن إنتاج أفلام الهواة لم يعد مكلفا بعد انتشار الآليات الرقمية .
وفي فقرة التكريم تم الالتفات هذه السنة لوجه معروف بمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة ، يتعلق الأمر بالمناضل الثقافي والحقوقي الأستاذ محمد فكاك ، الذي صعد إلى منصة التكريم بكوفيته الفلسطينية وصور زعماء وثوار العالم الثالث في محطات تاريخية معينة كعبد الكريم الخطابي وجمال عبد الناصر والمهدي بنبركة وتشي غيفارا وغيرهم ، المزركشة لملابسه ، تحت تصفيقات الجمهور الحارة . ألقى في حقه الأستاذ المختار آيت عمر ، ثاني رئيس للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب ، شهادة معتبرة سلطت بعض الأضواء على شخصيته كمناضل استثنائي داخل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب إبان سنوات الرصاص في السبعينات من القرن الماضي بالرباط وما تعرض له من تضييق ومحاولات للتصفية الجسدية ، وخارج الجامعة عندما أصبح أستاذا للفلسفة بمراكش ، قبل أن يتمم دراسته الجامعية بكلية الآداب الرباطية ، وبلفقيه بنصالح وخريبكة أو حارسا عاما بثانوية الليمون بالرباط أو أستاذا للغة العربية بواد زم ، مسقط رأسه سنة 1948 ، أوغيرها من المحطات . لقد ظل المناضل فكاك مؤمنا بأفكاره الثورية ومدافعا عنها داخل خريبكة وخارجها ، كما ظل مرتبطا بالفكر الوطني المغربي وبقيم النبل والحداثة طيلة حياته المهنية وبعد تقاعده الإداري . بعد هذه الشهادة عرض شريط فيديو بعنوان : محمد فكاك عاشق السينما الملتزمة ، وهو من إعداد ضمير وحسن اليقوتي وتوثيق عبد الحق بوزيد ، تضمن صورا قديمة وجديدة له وحديثا معه يعكس جانبا من أفكاره ومواقفه وعشقه للسينما وثقافتها . واختتمت فقرة التكريم بتسلمه لتذكار المهرجان من يد والي جهة الشاوية ورديغة وعامل إقليم سطات ولغلاف مالي رفض التصرف فيه وأهداه إلى النادي السينمائي لمدينة خريبكة وتسلمه رئيس النادي الأستاذ عز الدين كريرن أمام الحاضرين وتحت تصفيقاتهم الحارة . هذا هو محمد فكاك المناضل الاستثنائي الذي أشار ، في كلمته ، إلى عشقه للسينما من خلال أبيات شعرية لعمر الخيام . لقد كان اختيار المنظمين لمحمد فكاك وتكريمه في هذه الدورة الجديدة اختيارا موفقا يعكس عمق رؤيتهم ، كما يعكس احترامهم وتقديرهم لهذا الرجل الاستثنائي الذي لا يمكن تصور مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة بدون حضوره في عروض الأفلام ومناقشتها وفي مختلف فقرات المهرجان الثقافية .
اختتم حفل الافتتاح بعرض الفيلم السينمائي القصير " رصيف القدر " من بطولة فدوى الطالب التي حضرت هذا العرض رفقة مخرجته الشابة أمينة السعدي ، وللتذكير فهذه المخرجة سبق لها أن أحرزت على الجائزة الأولى للمهرجان الوطني لفيلم الهواة في دورته الأولى بسطات سنة 2007 .