غدا سنسافر... هذا ما تناهى إلى أذنيه من حوار مطول بين والديه بعد تناول وجبة الغذاء، فرح بهذا الخبر أيما فرح، أسرته ستنتقل للسكن في المدينة، ها قد بدأ حلمه يتحقق، إنها المدينة عالمه الإفتراضي الجميل، ظل ليلته يرقب طلوع الشمس...
في الصباح ودع أصدقاءه، انطلقت السيارة تطوي المسافات، الأب خلف المقود، والأم إلى جانبه في المقعد الأمامي المجاور بلباسها التقليدي الأصيل وابتسامتها المعهودة، لعلها منبهرة بجمال الطبيعة الأخاذ، لذلك تراها تلتفت يمنة ويسرة... أما أنا وأمل الصغيرة فكنا نصارع النوم الذي أخذ يتسلل إلى أجسامنا الصغيرة...
أمل لا تحب ركوب السيارات، تقول إنها تشعرها بالغثيان، لذلك فضلت تناول بعض الأقراص المهدئة علها تساعدها على الاسترخاء والنوم، لذلك هي شبه نائمة الآن، أمطار خفيفة بدأت تتساقط في الأثناء، ما جعل حبات الماء تنساب على نوافذ السيارة بشكل مهيب، كنت أحاول تعقبها بيدي الصغيرتين من الداخل، فجأة رن هاتف والدي، سمعته يجيب ويضحك بصوت عال أفقده صوابه، وما هي إلا لحظات حتى انزلقت بنا السيارة في واد سحيق، هذا كل ما أذكره فقد أغمي علي بعدها... فقدت كل أسرتي، فقدت كل شيء...